بعد أن انقشعت غمة القذافي بدأت ليبيا الجديدة تلملم اطرافها وتتكئ على انقاض ثورتها، بدأت مرحلة أخرى وهي مرحلة البناء فأعلنت وزارة العمل الليبية عن وظائف كثيرة شاغرة وخصت السودانيين بمعظمها وبدأ التقديم بالفعل لشغل هذه الوظائف بصورة عشوائية عبر وكالات السفر المختلفة بأن يدفع أحدهم مبلغاً من المال نظير الحصول على عقد عمل الا أنه ومؤخرًا وضعت وزارة العمل يدها على الموضوع وقد كشفت عن توقيع اتفاقية لتوفيق أوضاع العاملين بالجماهيرية الليبية وتنظيم استخدام العمالة هناك، وقام وفد سوداني رفيع ضم وزير العمل والموارد البشرية وممثل اتحاد عام اصحاب العمل وممثل اتحاد عام نقابات عمال السودان وبعض المهتمين بالشأن بزيارة للجماهيرية الليبية بعد نجاح الثورة من أجل تقنين فرص العمل المتاحة للسودانيين في شتى المجالات وتوفيق أوضاعهم بحيث تتمتع العمالة السودانية بما تتمتع به العمالة الليبية خاصة فيما يتعلق بالضمان الصحي والاجتماعي. شدَّدت وزارة العمل في الدعوة لتأهيل العمالة السودانية وخروجها بطريقة نظامية، ودعت الى ضبط حركة الهجرة إلى ليبيا بعقود عمل مجزية والحد من ظاهرة الهجرة غير المقننة مع وضع ضوابط صارمة في الحدود مع التشديد على أهمية تطبيق الضوابط واللوائح التي أصدرتها وزارة العمل والتي وقَّعت عبرها مذكرة تفاهم مع الجانب الليبي. الا ان السودانيين الذين استطلعناهم وكان معظمهم قد حصل على الفرصة عبر وزارة العمل ذكروا غير ذلك وهذا ما لمسناه من افادات الاخ أحمد ادم اخبرنا بأن مكتب العمل قد انشأ مقرًا في ليبيا من أجل ان يكسب من ورائهم ودليله ان العقد الذي جاءه يُفترض ان يكون بمبلغ 4 آلاف جنيه الا انه سيحصل على ثلاثة آلاف شهريًا فقط والألف جنيه ستذهب لوزارة العمل حسبما ذكر وتساءل مستنكراً عن الخدمة التي قدمتها له الوزارة نظير هذا المبلغ؟ اما الاخ محمد المصطفى فذكر أن وزارة العمل طلبت منهم مبلغ «5» آلاف جنيه نظير حصوله على وظيفة دفع منها مبلغ ألفين وخمسائة على ان يدفع الجزء الآخر بعد الوصول الى ليبيا وعبر مكاتب الوزارة هنالك، وأكد أن المبلغ يتضمن تذاكر السفر وهو يحسب ان العرض افضل من العمل بالسودان اذ انه تخرج منذ ثماني سنوات وظل طوال هذه المدة يبحث عن عمل بين دهاليز الدُّور الحكومية والشركات الخاصة واخيرًا قرر الهجرة وبين ان اجراءاته إكتملت منذ شهر الا انه لم يُستدعَ للسفر حتى الآن. ويقول حامد متوكل الذي كان يعمل بليبيا ورغم انه اضاع «7» سنوات من حصاد عمره ابان الثورة الا انه قرر العودة مرة أخرى لأن عامين قد انقضيا منذ عودته إلى السودان ولم يجد اي عمل رغم انه حاصل على شهادة المحاسبة وكان يعمل في ليبيا محاسبًا بإحدى الشركات الخاصة الا انه «هرب بجلده» بعد أحداث دامية ابان الثورة في ظل الاتهامات التي تعرض لها السودانيون بليبيا واصبحوا مستهدفين من قبل الثوار بسببها الا انه قرر العودة مرة اخرى حتى لا يتكرر معه سيناريو رحلة البحث عن العمل قبل هجرته أما الطبيب محمد علي فأكد أن وزارة الصحة استغلت هذه الوظائف استغلالاً سيئًا بالتنسيق مع وزارة العمل الليبية لاستنزاف الأطباء حيث ان العقودات تحمل جزءًا من المبلغ للصحة وجزءًا آخر لوزارة العمل وان الإجراءات الرسمية قد اكتملت منذ مدة طويلة الا ان الوزارة لم تستدعهم للسفر حتى الآن إضافة لعدد كبير من السلبيات التي صاحبت اجراءات التقديم والحصول على العقودات. ومن هناك اتصل علينا عبر الهاتف علاء موسي الذي وصل الى ليبيا بعد حصوله على عقد عمل من إحدى وكالات السفر بالخرطوم نظير ثلاثة آلاف جنيه الا انه وبعد وصوله اكتشف ان بنود العقد كلها كانت مخلة وبالتالي لم يحصل على الوظيفة وهو الآن يعمل عملاً هامشياً ولم يجد المكتب الذي قيل انه لتوفيق اوضاع السودانيين بليبيا والآن هو يفكر في العودة للسودان حتى يستطيع التقديم عبر وزارة العمل ثم يعود من جديد الا ان عبد الجليل خالد قد حصل على فرصة العمل فعلياً «محاسب» عبر إحدى الوكالات وهو يعمل الآن بطرابلس. ويبقى السؤال ما هو مصير السودانيين الذين تم فصلهم من الشركات الليبية ابان الثورة وماهي الضمانات التي سيجدها العاملون الجدد؟ فالمتضررون لم يحصلوا على حقوقهم حتى الآن ووزارة العمل الليبية رهنت دفع حقوق العاملين السودانيين الذين تضرروا من الثورة بوجود عقودات عمل تثبت عملهم وهذا الإجراء لن يعيد حقوق الكثيرين لأن معظم السودانيين الذين كانوا بليبيا دخلوها عن طريق الحدود وكانوا يمارسون مهنًا هامشية ومن غير عقودات عمل أو إجراءات رسمية او حتى أوراق ثبوتية اوثائق هجرة وبالتالي فهنالك عدد كبير من العاملين فى ليبيا ظلوا يعانون من مشكلات الهجرة وعدم إكمال الاجراءات حتى الآن. وفي سياق القضية ذاتها أكدت وزارة العمل أن الإدارة العامة للاستخدام الخارجي بالوزارة وضعت ضوابط لا تسمح لأي مواطن سوداني بالسفر إلا بعد استيفائه لشروط منح إذن السفر.. وأكدت أن الجهات ذات الصلة تعمل على ملاحقة كل الذين يعرضون حياة المواطنين للخطر عن طريق الهجرة غير الشرعية الا انها لم تستطع الحدّ من الظاهرة على ارض الواقع فالأخ علي آدم يعمل الآن في بقالة في بنغازي اتصلنا به هاتفيًا وأكد أنه مع مجموعة من السودانيين وصلوا لليبيا عن طريق البر عبر الحدود مع دارفور.