وجدت خطوة إعفاء الرئيس لمستشاريه الكثير من الترحيب لدى العديد من المتابعين لسياسة التقشف التي أعلنتها الحكومة، بيد أن البعض لم يخفِ تخوُّفه من خروج أولئك المستشارين من هنا والولوج مرة أخرى عبر بوابة سياسة «التعيين» تارة أخرى، وحسبما قال المستشار السابق لرئيس الجمهورية أحمد بلال عثمان فإن الخطوة تتعلق بالإجراءات الأخيرة التي ترمي لتقليص الإدارة والحكم، وترمي بجميع المستشارين في ذات الخط مؤيدين لكل الخطوات الحكومية وللرئيس، دعماً سياسياً بلا حدود، وقال في تصريحات صحفية أمس الأول إن التقليص يأتي في إطار الرضا التام لكل الأحزاب بحكومة الوحدة العريضة التي ستتلوها إجراءات أخرى في الحكم التنفيذي وهي بداية العمل المتعلق برئاسة الجمهورية وأن كل المستشارين تم إعفاؤهم طوعاً واختيارًا وأن هذه الخطوة بمثابة اتفاق، وأضاف بلال:«نحن جميعاً في خندق واحد ونعتقد أن هذه الأزمة عابرة ولدينا جميعاً المسوغات والاستعدادات بأن السودان سيتخطى هذه المرحلة والإجراءات التقشفية التي تمت». وبإعفاء المستشارين تكون الدولة قد وفّرت حاصل ضرب «12 * 15»ألف جنيه في«9» أشخاص أي ما يقارب«135» مليوناً من الجنيهات، عبارة عن مرتبات المستشارين التي تشابه مرتب الوزير، وتدير الخطوة توفير مبالغ كبيرة هي جملة مدفوعات لسكرتارية المستشارين وحراسهم وغيرها من الخدمات المرتبطة بالوظيفة الرئاسية، ويعتبر البعض خطوة إعفاء مستشاري الرئيس خطوة إيجابية تأتي اتساقاً مع إعادة هيكلة الحكم وتشكيل الحكومة الجديدة المرتقبة لتصبح حكومة رشيقة في قوامها وقادرة على توظيف موارد الدولة واتخاذ القرارات السليمة التي من شأنها مساعدة الجهاز التنفيذي من أداء وظيفته بعيدًا عن الترهل والبيروقراطية الإدارية خاصة إذا ما وضعنا في الاعتبار المخصصات التي كانت تصرف على هؤلاء المستشارين بمعادلة حسابية بسيطة نجد أن كل مستشار للرئيس تنفق عليه الدولة الكثير، لكن وفي المقابل لا تبدو الخطوات التي تتخذها الدولة كافية لمجابهة الأزمة التي تحيط بالبلاد وفق ما يرى المحلل السياسي د.محمد سعيد، ,ويضيف:«المشكلة تصب في التشكيل الحكومي البازخ بحسب قوله » وفيما يدعو لإلغاء الحكم المركزي والاستعانة بعدد قليل من الوزراء والمعتمدين فقط لإدارة شؤون البلاد يذكر ل«الإنتباهة» في معرض تحليله لخطوة إعفاء الرئيس لمستشاريه أن العملية التي تديرها الدولة للعبور لشاطئ الأمان بالاقتصاد السوداني «شاقة» وتتطلب تنازلات كثيرة تتعلق بالنظر «الصائب» للحكومة وتيمها العامل وتقليصها بصفة كبيرة للغاية. ويعتبر العديد من المهتمين بالشؤون السياسية أن غالبية المستشارين الرئاسيين السابقين لم يضيفوا شيئاً للعمل بالقصر بخلاف اثنين أو ثلاثة أداروا في مرحلة ما بعض الملفات الحساسة مثل ملف دارفور وغيره، وفي وقت سابق دمغ الكثيرون المستشارين الرئاسيين بالعبء على الدولة جراء افتقارهم للإمساك بالملفات المهمة والمفيدة للبلاد، ويجزم آخرون بأن تعيين المستشارين تم في وقت سابق على سبيل «المجاملة» الحزبية لبعض الأحزاب المشاركة في السلطة وإسكات صوتها، وعلى صعيد متصل تبدو فرص الضجر السياسي قريبة من التغلغل في أواسط بعض الأحزاب ذات الحصة البسيطة في السلطة كما تعتقد، وبإعفاء مستشاريها تكون على مفترق طرق المغادرة للاتفاق مع المؤتمر الوطني والانصياع للعمل معه في حكومة قاعدة عريضة برغم الحديث عن تقدير بعض الأحزاب للخطوة وقناعتها بالظرف الذي تمر به البلاد.