للذين فاتهم هذا القطار وهددوا بإعادته أو فصل الباكم.. نستأذن السكرتارية في إعادته « قطر ماش وعمي الزين وكيل سيمافور .. يشرق فيه ويغرب فيه شهور ودهور ...» هكذا كنا نرخي مسامعنا منذ ذلك الزمان البعيد لهذا المسلسل الدرامي الإذاعي لأستاذنا الشاعر والناقد الكبير هاشم صديق.. وألحانا ً كانت تجذب انتباهنا حينما يشدو بمقدمة شعار المسلسل الأستاذ الكبير أبو عركي البخيت.. ولكن بخلاف قطاري أستاذينا هاشم وأبو عركي، كانت قطارات الموت بالميرم العاصمة الاجتماعة لقبيلة الفيارين من المسيرية الحمر العجائرة.. هذه المدينة الحدودية الواقعة أقصى جنوب غرب ولاية جنوب كردفان المتماسة من الناحية الشمالية مع حدود جمهورية جنوب السودان.. ثلاثة قطار هي التي جعلت من الميرم مسرحاً للقتال من جانب والنهب من جانب ثانٍ. يقول الراوي: إنه حينما تحركت هذه القطارات لثلاثة من مدينة بابنوسة الرابطة لخط «بابنوسة واو».. إنه حينما تحركت مارة ً كثر من ست محطات جنوباً تجاه الميرم، كانت قد دخلت المدينة على حياء وكبرياء! تفاجأ الأهالي بهذه القطارات.. وبعد التأكد والتمحص الاجتماعي والأمني سيما وأن الميرم هي معقل مجاهدي الدفاع الشعبي بالمرحال الغربي حينما كانت الحرب تدور رحاها بين شمال وجنوب السودان.. فقاتلوا إلى جانب الإنقاذ الوطني وانتصروا لها للحد الذي دفعوا فيه ولايتهم غرب كردفان مهراً لسلام كانت نتيجته الانفصال والانفصام العميق. قال الراوي: بعد التمحص الاجتماعي والامني الشعبي مسح الأهالي لقطاريين اثنين يحملان مواطنين جنوبيين بعبور اراضيهم منطلقين نحو دولتهم الوليدة.. بيد أن المواطنين وبعقل جمعي عملوا على حجز القطار الثالث.. وهو قطار يحمل بضائع من الشمال إلى الجنوب.. كانت حجة الأهالي من وراء حجزهم قطار الموت، هو أنهم لم يعلموا ويطلعوا على أي بيريتكول تجاري مكتوب أومنصوص عليه بين الدولتين المنفصلتين.. وبالتالي فإن اهالي المنطقة الذين عرفوا انفسهم بأنهم عرين الإنقاذ.. تساءلوا.. كيف نتضور جوعاً وقطارات الجلابة «التجار» تعبر بكل ماطاب ولذّ عبرنا الى الجنوب. فانقضوا على القطار التجاري المحمل بالبضائع في عمليات سطوٍ لم تكن يوماً من تفاصيل حياتهم اليومية.. فتبادلوا النيران مع حرس القطار الذي قُتل في الناس وقتلوا منه..