قبيل انتخابات «2010» روّجت الحكومة إلى بناء حكومة ذات إجماع وطني تستوعب كل تشكيلات الطيف السياسي السوداني بكل تناقضاته وتقاطعاته، وعبر هذه البوابة ركبت قطار الإنقاذ قوى حزبية وسياسية أخرى وسارت على ذات السكة وذات النهج الذي رسمته الإنقاذ مع موجة الانفصال وتداعياته، فانطلقت الدعوة بضرورة تكوين حكومة ذات قاعدة عريضة واسعة المشاركة وفيّة لطالب الشركاء في الوقت الذي كان فيه كل السودانيين يأملون أن تكون حكومة ما بعد الانفصال نحيفة ورشيقة معتدلة القوام غير مترهلة خصوصاً بعد أن ذهبت أكثر من «70%» من إيرادات البترول جنوباً وخلّفت وراءها حسابات معقدة ومعادلات عصية على الفهم والإدراك وكان لزاماً على الحكومة معالجتها بأي شكل من الأشكال ولكن يبدو أن الحكومة أدركت الآن تماماً أنها تواجه مخاضاً عسيرًا لإخراج تيم حكومي جديد على أنقاض ما خلفته الصدمة الاقتصادية التي نشهد ونعايش كامل تفاصيلها وعذاباتها الآن. وبحسب التسريبات فإن المجالس السياسية الخاصة بقادة الحكم فإن عملية عصف ذهني تسيطر على العقل الحكومي فيما تجرى عملية طبخ على نار هادئة تنتج حكومة تتواءم مع سياسة إعادة الهيكلة الدستورية ورغم أن هذه العملية كان من المفترض أن تسبق حزمة القرارات الاقتصادية الأخيرة إلا أن الحكومة تراخت والمواطن ينتظر كيف تخرج المعاناة من رحمها حكومة طبقاً لما يريد الشعب السوداني من ولاة أمره ولكن العملية برمتها كأنما أدخلت القصر في حالة «عسر لهضم» كل هذه التحولات والتبدلات في حكومة مرضيّ عنها. المنطق يقول إن المواطن أعطى كل ما لديه من معين الدنيا إلى الحكومة واستنفذ كل صبره وينتظر بترقب إلى تلك الحكومة الفاتنة المستحيلة ويمعن النظر فيها، فهو لا يريدها كسابقاتها ولكنه يريدها ذات حسب ونسب ودين، لا هي عريضة حتى تتثاقل خطاها في سكة الوصول إلى المواطن ولا هي نحيفة حتى لا تقوى على العواصف والهزات الأرضية والسياسية يريدونها حكومة ذكية على درجة عالية من الوعي والإدراك للحالة النفسية والاقتصادية التي يعيشها الآن كل مواطن سوداني.. ونحن معشر المواطنين السودانيين نريد حاكماً وحكومة بيضاء اليدين قوية الشكيمة أمينة اليد، طيبة اللسان حافظة لحق الوطن والعقيدة والجغرافية، ولا نريد أحمد بديلاً لحاج أحمد.. ننتظر لنرى اي شكل من الحكومات سيحكمنا..؟