منع من النشر في جريدة "الصحافة " الحكومة الجديدة.. ما الجديد..؟! تقرير: ماجد محمد علي لم يجد كثيرون بعد قليل من التمعن في التشكيل الحكومي الجديد من " جديد"، فلا حمل اعلانه الى الناس وجوها مختلفة ولا رسم في مجمله صورة مغايرة للحكومة السابقة عريضة الاطراف منتفخة الاوداج. وقد يكون هذا ما دفع قيادات في الحزب الحاكم نفسه الى الاحساس بخيبة الامل بعد انتظار، وهو ما عبر عنه عباس الخضر عضو لجنة الشئون الخارجية في المجلس الوطني، حينما اشار صراحة الى افتقاد الحكومة صفة الرشاقة المطلوبة في مثل هذه الظروف الاقتصادية السيئة، واعتبر الخضر ان خروج التشكيلة بهذه الصورة مخيبا لامال الشعب السوداني. وما اشار اليه القيادي في المؤتمر الوطني، صدح به اخرون فور اعلان الحكومة؛ و رأى مراقبون للاوضاع السياسية والاقتصادية في البلاد، ان في احتفاظ الحزب الحاكم باغلب وزراء الحكومة السابقة يعد تراجعا بيننا عن الوعود المقطوعة للشعب بتقليص الجهاز الحكومي وترشيد المنصرفات في اروقتها، في موازاة ارتضاء السودانيين للسياسات الاقتصادية القاسية التي طبقها موخرا. ويعبر البروفيسور عوض الكرسني عن اولائك بالاشارة الى الخيبة المتعاظمة التي يحس بها منذ اعلان التشكيل الحكومي الجديد، مشيرا الى انه يحمل دلالات في مقدمتها ان الحزب الحاكم لا يريد ان يتحمل المسئولية لوحده، هذا رغم امساكه لمقاليد الامور وكل الوزارات السيادية فضلا عن مفاصل ومفاتيح ادارة الدولة، وتابع الكرسني مستدلا باصرار المؤتمر الوطني على " صحبة" اكثر من "15" حزبا لا تملك اي قواعد او نفوذ ، ولا يمكنها ايضا المساهمة بفعالية في ادارة الدولة؛ ثم يعرب البروفيسور الكرسني عن قناعته بان الحزب الحاكم لا يرغب في ان يتحمل نتائج سياساته منذ العام " 2005" وما قبلها، وحيدا بمعزل عن الاخرين. ويلمس الكرسني في استمرار وجوه بعينها في الوزارة لاكثر من "20" عدم وجود خطة او سياسات واضحة يعمل المؤتمر الوطني على هديها؛ ويضيف "بقدر ما توجد مجموعة متنفذة. واشار البروفيسور الكرسني الى ان التشكيل الجديد يحمل مؤشرات تدعو للقلق ، ومنها ايلولة ديوان الحكم الاتحادي كمؤسسة فنية الى شخصية سياسية امضت جل حياتها العملية في العمل الاغاثي، وزاد: الامين دفع الله رغم الملاحظات المثارة بشأنه كان يملك الخبرة للنهوض بعمل الديوان، اما الوزير الجديد.. فلا . وتضع كلمات الكرسني خطوطا حول ما قاله القيادي الوطني الرفيع الدكتور نافع علي نافع، حول ان مقتضيات الوحدة الوطنية والمشاركة السياسية جعلت التشكيل الحكومي يبرز بهذا الشكل؛ لكن الحرص وجود اكثر من "15" حزبا من حلفاء الحزب الحاكم في التشكيل الجديد، رغم الازمة التي تعيشها البلاد لا يبدو مقبولا من الدكتور سامي عبد العاطي، فاستاذ العلوم السياسية في الجامعات السودانية يقول ان الضرورات الوطنية تبيح المحظورات السياسية، وهى في الحالة التي يكابدها شعب البلاد " تقليص الجهاز الحكومي المترهل لاقصى حدا ممكن" والامر الاخر وضع اطار سياسي للتعامل مع الازمة الاقتصادية يجمع عليه؛ فالخطط الحكومية التي اعلنت كما يشير عبدالعاطي ذات امد قصير وهو امر متوقع في ظل محدودية الخيارات المطروحة امام الحكومة، ويتابع : وهذا ما يلزم المؤتمر الوطني بتوسيع افق الحوار مع الاخرين، والتعاطي مع ما يحدث الان كشأن عام يجب الاتفاق عليه. على ان ذات الهدف الذي سعى اليه المؤتمر الوطني بجهد وحقق من خلاله انتصارا كبيرا بتقليص الهيكل الحكومي عبر الغاء ودمج "5" وزارات، هبطت بعدد الوزراء الاتحادين من "31" الى "26" وزير؛ لا يعني عند زعيم حزب الأمة وإمام طائفة الأنصار، الصادق المهدي، شئ فالامام يقول إن الأزمة السودانية “لن تحل بحكومة عريضة أو رشيقة"، مؤكداً أن الحل في تغيير النظام. وقال المهدي خلال مؤتمر صحفي بالخرطوم قبل ايام إن "ما تردده الحكومة بشأن تشكيل حكومة رشيقة يدعو لها المؤتمر الوطني (الحاكم) هي فيلم كاتبه ومخرجه وصاحب السيناريو شخص واحد، مع وجود الممثلين ذاتهم، والقوى السياسية يطلب منها دخول الدور الثاني فقط". فهل تمضي تصريحات رئيس حزب الامة في طريق الكيد السياسي وتصفية الحسابات مع الحزب الحاكم ام ان تلك التصريحات تحمل في طياتها جوهر الازمة في السودان. يقول البروفيسور عوض الكرسني ان ميزانية البلاد القادمة ستتأثر بشكل كبير بهذا التشكيل الحكومي، مما سيلقي بمزيد من الاعباء على الشعب السوداني كنتيجة مباشرة للامر، فالتوسع في الجهار الحكومي، حسبما يلفت، مازال قائما ومستمر، ويضيف " ثم ان الحكومة الجديدة هى استمرار لحكومة القاعدة العريضة المترهلة التي قامت من دون سياسات ، وهو ما يحيلنا الى الحكومة الجديدة التي يبدو منذ الان انها لا تمتلك شئ من هذا القبيل". والبروفيسور الكرسني يشير بوضوح عبر هذه الكلمات الى استمرار الحلة الاقتصادية الخانقة التي تأخذ بتلابيب الناس، لكن حديثه ايضا يتفق اطارا مع ما ذهب باتجاهه الدكتور سامي عبدالعاطي، فالاخير يؤكد على ان الازمة بشكلها الواسع ستستمر طالما لم يتم اعادة عجلة الانتاج في البلاد، وهو ما يتطلب جراحات عميقة ومؤلمة لن يتقبلها احدا ، الا عن قناعة بانها المخرج الوحيد ؛ ولكن ذلك يشترط ايضا ان تتوفر الشفافية والنزاهة والاستعداد الحقيقي..