«فندك» البن له اهمية قصوى في رحلة الجبنة التي تنتهي عند ساحل الكيف، ومع اقتراب شهر رمضان المعظم يدرك اهلنا الاهمية القصوى للجبنة عند الكيفين بعد الافطار، ويبدأ في تجهيز ادواتها التي من اهمها «الفندك»، وفي السابق كانت هناك العديد من الاغاني الشعبية والتراثية التي تكشف اهميته ونالت حظها وسط المجتمع السوداني، وذلك للمكانة الكبيرة التي يحتلها عند اهلنا في السودان. وترتبط صناعته بطقوس تختلف من منطقة الى اخرى، ويمر البن بمراحل مختلفة حتى يصبح السائل الاسود الذي يعبأ في الفناجين، ويؤتى بالبن بانواعه المختلفة، وينظف ثم يقلى، ومرحلة قلي البن مهمة للغاية عند الكيفين، ولها مكانه خاصة عند أصحاب المزاج، فتراهم في لمة الجبنة التي لها طقوس خاصة، ومن بعد ذلك تبدأ المرحلة الثانية وهي مرحلة تحويل الحبوب الى بدرة عن طريق سحن البن. وتتفنن النساء في دق البن في «الفندك». وهناك نوعان من «الفنادك» التي تصنع خصيصاً لهذه المهمة، وهي نوع من الخشب وآخر من النحاس الذي يصدر أصواتاً لها وقع خاص عند الشخص الذي يقوم بدق البن تعرف ب «التنتنة»، ومثل هذه القعدات مازالت موجودة في القرى والاحياء الشعبية، ومثل هذه الجلسة تخلق أجواءً بديعة تتوافق مع المزاج، وتتشابه صناعة «الجبنة» في كل انحاء السودان، ولكن يكون هناك اختلاف طفيف جداً من منطقة الى اخرى في وضع ادوات «الجبنة» وجلساتها التي تأخذ عدة مسميات سودانية وحبشية وخليجية وغيرها من المسميات، ولمعرفة طريقة صناعتها عن كثب واهمية «الفندك» في صناعتها التقت «تقاسيم» بالحاجة فاطمة التي قالت إن صناعة القهوة «الجبنة» تبدأ بالغسيل وتنتهي داخل «الشغال»، وتمر بعدة مراحل من قلي البن ثم نفضه ومن ثم سحنه وغليه في الماء ليتحول الى «جبنة». وعند سؤالنا لها عند «الفندك» وأهميته في صنع «الجبنة» قالت إن له وضع خاص في صناعة «الجبنة» لما يصدره من صوت موسيقي رنان يتناغم مع «التنتنة» التي تعد مهمة للغاية في جلسة «الجبنة»، الا انه بدأ يندثر ويتلاشى عن الجلسات في هذه الفترة، وذلك لدخول السحانات الحديثة الكهربائية التي اصبحت تقوم بدور «الفندك» من دون «تنتنة» ونغمات جميلة كما كان في السابق، «ولكن يا ولدي جبنة السحانات دي ما بشربها وما بتكيف ليها وهي زي موية الزير بالنسبة لي. وأنا كان ما دقيت البن في الفندك ده وسمعته التنتنة الجميلة ليهو ما بتكيف للجبنة».