مازالت المعاناة متواصلة لمشاهدي ومتابعي مباريات الدوري الممتاز، بسبب عدم تلفزة المباريات من قبل التلفزيون القومي جراء رفض الأندية للتلفزة لعدم دفع الأخير مستحقات العقد المبرم بين الأندية والاتحاد السوداني لكرة القدم. وجاءت هذه الخطوة قبل بداية الدورة الثانية من الدوري، وساعد في ذلك تأخر لجنة المسابقات بالاتحاد العام في تحديد الموعد الرسمي لتواريخ الدورة الثانية، مما خلق جواً من عدم الارتياح للأندية، لأنها تريد أن تضبط عليه برامجها في فترة الراحة ما بين الدورة الأولى والثانية بتحديد جدول زمني للمعسكرات التحضيرية واستدعاء اللاعبين. وفي ذات الأثناء كان سكرتير الاتحاد العام المسؤول الفني عن تحديد تواريخ وبداية مباريات الدورة خارج البلاد. ودار همس بأن الاتحاد العام يريد أن يبدأ الدورة الثانية عقب عيد الفطر المبارك، لأن الاتحاد العام مشغول بمشاركات المنتخبات على الصعيد العربي والافريقي. وما بين مصدق ومكذب أعلن الاتحاد العام عن بداية الدوري في الأسبوع الماضي. وبدورها تفاجأت الأندية بالموعد المضروب، وطالبت بعقد اجتماع مفاجئ لكتلة الدرجة الممتازة قبل بداية الدورة الثانية مع قادة الاتحاد العام، وكانت محظوظة لأن أمين المال أسامة عطا المنان كان موجوداً بالبلاد، واتفق الجانبان على موعد الاجتماع. وكان أول الأجندة التي نوقشت ملف البث، ودار حديث طويل، وأكد عطا المنان لكتلة الممتاز أن الاتحاد منحاز للأندية ويسعى الى دعمها، وحتى قبل بداية الدوري في بداية العام لم يتعجل في كتابة العقود مع القنوات التي طالبت بنقل الدوري بسبب ضعف قيمة عقودها حرصاً علي حقوق الأندية، وظل يذكر الحاضرين بأنهم أصحاب الحق في ملف التلفزة. وقال في الأول والأخير تعود المصلحة الى الأندية، وأشار الى أن الاتحاد العام عندما وافق على عقد البث من قبل التلفزيون القومي كان ذلك بتدخل من رئاسة الجمهورية، والاتحاد درس العرض جيداً وكان ممتازاً، وعلى هذا الأساس جاءت المباركة، وفي الأخير لم يلتزم التلفزيون بدفع كافة المبالغ المطلوبة منه، وقال: نحن وأنتم أمام خيار وحيد وهو منع تلفزة مباريات الدورة الثانية حتى لا تفكروا في أن الاتحاد العام يغفل حقوق الأندية، وإذا أردتم أن يستمر الحال وتعطون التلفزيون المهلة الكافية وتستمر تلفزة الدوري فنحن معكم، واذا أردتم أن يحرم من تلفزة الدورة الثانية نحن أيضاً معكم، والفرصة أمامكم وأنتم أصحاب الحق، ولا تترددوا في حقكم، ونحن نسعى الى حفظ حقوقكم لأنه في الأول والأخير الاتحاد يحافظ على حقوق الأندية، ونحن نعترف أمامكم بأن التلفزيون قد قصّر في الوفاء بحقوقكم، والآن كما أسلفت الكلمة عندكم، وإذا بالاجماع رفضتم فكرة تلفزة مباريات القسم الثاني نحن معكم. وبعد أن أكمل حديثه لم يتردد رؤساء أندية الممتاز في أخذ وقت للتفكير وبالاجماع قالوا نحن نرفض تلفزة المباريات، واذا أراد التلفزيون بث الدوري عليه دفع ما تبقى عليه. وبعد الفراغ من الاجتماع أرسل الاتحاد السوداني لكرة القدم خطاباً معنوناً الى مدير التلفزيون يفيده فيه برفض الأندية تلفزة مباريات القسم الثاني من منافسة الدوري الممتاز. الجدير بالذكر أن قيمة العقد المبرم بين الطرفين أربعة مليارات جنيه، دفع منها التلفزيون ملياراً ولم يكمل بقية المبلغ. وهذه التجربة لم تكن الأولى، حيث سبق أن تعاقد قبل ثلاثة أعوام مع الاتحاد، وفشل العقد فشلاً كبيراً، وحتى الأندية عندما قبلت العقد الأخير هذا العام لأن الوقت والخيارات كانت ضعيفة أمامها، وقلبت على غرار المثل الذي يقول «جرادة في كف ولا ألف طاير»، وهي تعلم في قرارة نفسها أن التلفزيون لا يستطيع أن يقدم لها شيئاً وليست لديه القدرة على دفع جملة المبالغ كاملة، وحتى قبولها بالعقد جاء بعد تدخل نائب رئيس الجمهورية الأستاذ علي عثمان محمد طه بعد أن التقط القفاز، لأن الاتحاد العام نفسه فشل في اقناع جهة ما ببث تلفزة الدوري، ودفع مبلغاً محترماً للأندية. وكما هو معروف فإن الأندية لديها نصيب الأسد في ملف التلفزة، بحيث تأخذ »60« في المائة والاتحاد »40« في المائة، وبالمقابل يأخذ »60« في المائة في رعاية سوداني والأندية »40« في المائة، وهذه القسمة أدخلت اتحاد الكرة في حرج لأنه أخذ حقوقه في رعاية سوداني وأهمل حقوق الأندية في رعاية البث، وكما هو معلوم أن الأندية تعاني كثيراً جراء الصرف الحاد في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بالبلاد في هذه الآونة. وبطبيعة الحال جاء تدخل نائب الرئيس في الوقت المناسب وأنقذ الاتحاد العام من ورطة كبيرة، وبالفعل بعد أن تسلمت الأندية جزءاً من العقد ودارت عجلة بث مباريات الدوري في الدورة الأولى، ولكن بعد الفراغ رجع الجميع الى المربع الأول. وفي وقت سابق تحدث مدير البرامج بالتلفزيون وأكد أن هذا الملف يديره مدير التلفزيون ولا أحد يعلم عنه شيئاً. وأصبح يتبادر للأذهان أن الظروف المحيطة بالبلاد السياسية منها والاقتصادية الشائكة قد تكون أنست نائب الرئيس الأزمة القائمة بين الاتحاد العام والأندية والتلفزيون القومي، لأن هناك بعض المصادر أكدت أن التلفزيون أصلاً لم يكن راغباً في تلفزة مباريات الدوري، ولكن تدخل نائب الرئيس جعله يقبل بهذا الملف نظراً للظروف الاقتصادية السيئة التي يمر بها التلفزيون نفسه. وحتى وزارة المالية الجهة التي تدفع مطالب الوزارات والهيئات الحكومية أصبحت أمام تحديات كبيرة في ظل الظروف المالية الحادة، لأن التلفزيون قبل ثلاثة أعوام عندما تعاقد مع الاتحاد العام عقد مؤتمراً صحفياً وتحدث فيه المدير محمد حاتم سليمان، وأكد فيه أن لديه فكرة بإنشاء القناة الرياضية حتى لا تتضارب البرامع الرياضية ونقل المباريات مع نشرات الأخبار الرئيسة، وكان واثقاً من نفسه في ذلك الوقت لأن الظروف الاقتصادية في البلاد كانت جيدة، وهناك استقرار مالي في جميع الهيئات.. ولكن الآن تبدل الحال وأصبح الوضع مختلفاً جداً. وأكد مولانا جمال حسن سعيد رئيس نادي الأمل عطبرة وقال: إن عدم بث مباريات الدوري مشكلة، ولكن ولى زمن حديث النادي الواحد، وأصبحت الآن هناك كتلة تتحدث نيابة عن جميع الأندية، ونحن لسنا بمعزل عن ذلك، وبطبيعة الحال إذا أراد التلفزيون القومي مواصلة البث عليه أن يدفع ما تبقى عليه، ولدينا اجتماع مهم يوم الثلاثاء مع رئيس الاتحاد العام سوف نحدد فيه مشكلة البث، ومن المؤمل أن نصل فيه الى حل وسط. وفي وقت سابق أكد سكرتير الاتحاد مجدي شمس الدين أن عدم تلفزة المباريات أمر محزن، وقال: نحن لا يرضينا عدم بث مباريات دوري يعتبر من أكبر الدوريات الإفريقية وسوف نجد الحل. في نهاية المطاف أصبح الجميع يؤمل على اجتماع رئيس الاتحاد مع كتلة الممتاز غداً الثلاثاء لحل عقد القضية، وحتى القاعدة الرياضية تأمل أن يفضي الاجتماع الى حل مشكلة ظلت عصية، فهل يملك معتصم جعفر عصا موسى لحل القضية، أم تعود «ريمة الى عادتها القديمة» أم أن الأندية سوف تقبل بالتنازل مؤقتاً، لأن التلفزيون أصلاً لا حول له ولا قوة.. وباعتباره شاهداً ما شافش حاجة من أجل عيون المشاهدين؟!