مفهوم ومعنى حالة الطوارئ يجيء من معنى كلمة «طارئ»، وهي الأشياء أو الأحداث التي لا تجيء وفقاً للمسار الطبيعي للأشياء، أو تلك التي تقع أو «تهبط» فجأة على واقع حياة المجتمع، والدولة.. كالزلازل والبراكين، الأوبئة الفتاكة، السيول أو الفيضانات الجارفة التي تقتلع الأخضر واليابس. ومن الطبيعي أن يندرج تحت هذا المفهوم «كل الحالات العسكرية» من انقلابات أو تمرد داخلي أو عصيان مدني أو غزو أجنبي أو هجوم عسكري من أي جهة.. ومثل هذه الحالات الطارئة يمكن أن تحدث لكل البلاد، أو أي جزء منها حتى لو كان صغيراً أو محدوداً جغرافياً «كالفيضان الذي ضرب جزءًا من ولاية أمريكية تعداد سكانها حوالى المليون».. عند حدوث الحالة الطارئة تتوقف حياة الناس بصورة فجائية وتتعطل المصالح، وبالتالي تصبح الحاجة ماسة لتشكيل حكومة أو فريق حكومي لإدارة الأزمة حتى تعود الحياة لمسارها المعتاد، لذلك أوجدت الدساتير الوطنية الحلول المشروعة لوضع المعالجات السريعة حتى تتجاوز تلك المنطقة ما حدث لها. فماذا قال الدستور الانتقالي الحالي عن موضوع حالة الطوارئ؟ المحامي «معاوية خلف الله أبو الريش» قال إن قرار السيد الرئيس بإعلانه ولاية النيل الأزرق منطقة طوارئ يتفق مع صميم الدستور إذ ورد ذلك في «الباب الرابع عشر» حيث عالجت مواده «210 213» حالات الطوارئ التي تستدعي الإعلان عنها، وأعطت هذه المواد الدستورية الاختصاص الحصري «لإعلان حالة الطوارئ» للسيد الرئيس دون غيره.. ويستشهد الأستاذ «أبو الريش» بالمادة «210 فقرة 1» والتي تقول إنه يجوز لرئيس الجمهورية، بموافقة النائب الأول، عند حدوث أو قدوم أي خطر طارئ يهدد البلاد أو أي جزء منها وفقاً لهذا الدستور والقانون. وبهذا يكون إعلان حالة الطوارئ بولاية النيل الأزرق قد صدر وفقاً للدستور وليس وفقاً لقوانين أخرى كما ذكرت بعض الصحف.. ولكن ماذا يحدث أثناء سريان فترة حالة الطوارئ في ولاية النيل الأزرق عموماً وفي حاضرتها الدمازين على وجه الخصوص؟ يواصل الأستاذ «أبو الريش» شرحه لنصوص الدستور قائلاً إنه يجوز للسيد الرئيس اتخاذ عدد من التدابير القانونية أثناء فترة سريان حالة الطوارئ حيث أعطت المادة «211» وبفقراتها الثلاث رئيس الجمهورية الحق في تعليق جزء من وثيقة الحقوق لسكان ولاية النيل الأزرق كما له الحق في حل حكومة الولاية، وتعيين حاكم لها سواء كان من داخلها أو من المركز، كما أجاز الدستور للرئيس تصريف مهام أجهزة حكومة النيل الأزرق، وأعطاه كل السلطات والصلاحيات في أن يُقرّر الطريقة المناسبة التي يتم بها تدبير شؤون ولاية النيل الأزرق، والتي سعى فيها «مالك عقار» إلى تقويض النظام الدستوري وشن الحرب على الدولة وتهديد السيادة الوطنية. وحول فترة أو مدة حالة الطوارئ أكدّ الأستاذ «معاوية» أن تلك التدابير، ابتداءً، تأخذ قوة القانون في الولاية المعنية، وأي منطقة يتم إلحاقها بها.. وأنها تستمر بهذا المنوال حتى انتهاء فترة الإعلان والتي تتم بإحدى ثلاث طُرق نصت عليها المادة «212» من الدستور وهي: إما انقضاء فترة ثلاثين يوماً من تاريخ صدور الإعلان، أو انقضاء الفترة التي وافقت عليها الهيئة التشريعية إذا رأت تمديدها، أو إصدار إعلان آخر من السيد رئيس الجمهورية بمقتضاه رفع حالة الطوارئ متى رأى ذلك مناسباً.. ومن المتوقع أن ينتظر البرلمان، في جلسة انعقاده الطارئة تلاوة بيان من السيد وزير الدفاع حول تداعيات وتفاصيل الأحداث التي شهدتها ولاية النيل الأزرق.