{ أخترت هذا اليوم لأحتفي فيه من خلال ما يخطه بناني بمؤسسة شرطية لا غنى عنها البتة في أي مكان وفي أي زمان هي «المباحث الجنائية».. وإن كان السودان دولة فقيرة، إلا أن جوهر عمل المباحث الجنائية يقوم بالدرجة الأولى على سعة الأفق والذكاء والصبر الدؤوب والعفوية التي تنستر وراءها مهمات البحث الجنائي فلا تنكشف في هيئة رجال المباحث السودانيين منذ الاستقلال الذين لا تُحصى إنجازاتهم ذات الضرورة الحتمية. إن الشرطة في دول أوروبية كانت تحتل العالم الثالث تفشل أحياناً كثيرة في مكافحة الجريمة قبل وقوعها أو القبض على مرتكبها بعد وقوعها، فتضيع دماء بعض الناس هدراً وتُفقد ممتلكاتهم، رغم أنها دول ذات اقتصاد منتعش وإمكانيات تكنولوجية عالية. وانظر إلى الإنجازات الجنائية في السودان الفقير وتخيل كيف يمكن أن يكون فيه العمل الجنائي إذا توفرت فيه مثل تلك الامكانيات الأوربية؟! وإذا كان العمل في المباحث الجنائية يبقى ذهنياً بالدرجة الأولى وتأتي إمكانيات استجلاء القرائن لاكتشاف الأدلة في الدرجة الثانية، فإن الولاياتالمتحدةالأمريكية.. إذن تحتاج إلى المباحث الجنائية السودانية لفك طلاسم جريمة اغتيال الرئيس الأمريكي «الكاثوليكي» جون كندي عام 1963م تقريباً. ووصفناه هنا بطائفته الدينية الكاثوليكية لأن واشنطن بعد إبادة الهنود الحمر الجماعية والعرقية أصبح يسيطر عليها البروتستانت الأنجلو ساكسون البيض.. وهنا في السودان وبعد استشهاد إبراهيم بلندية رئيس المجلس التشريعي لجنوب كردفان فتشت السلطات وفحصت أسلحة بعض حراس بلندية ووجدتها بكامل الذخيرة وكان السؤال لماذا لم يقم هؤلاء بالواجب المنوط بهم في الدفاع عن أنفسهم على الأقل؟! ترى هل كانت هكذا الأسئلة التي أحيطت بمقتل جون كندي؟! أما صحيفة «الدار» التي تحتفي يومياً بإنجازات الشرطة والمباحث الجنائية فقد أضفت بذلك على الصحافة الاجتماعية «معلوماتية» مهمة جداً من شأنها أن تُسهم في إصلاح وصون المجتمع السوداني الذي كاد أن يصبح ضحية لظواهر غريبة عليه، فقد أصبحت حتى «الحياة الزوجية السابقة» في بعض الأحيان وراء تنمية الروح الانتقامية، في مخالفة صريحة للقرآن الكريم الذي يقول :«ولا تنسوا الفضل بينكم». لكن ها هي المباحث الجنائية راعية إصلاح المجتمع السوداني بالمرصاد لكل من يحاول أن يعتدي على أحكام الإسلام الاجتماعية والأعراف السودانية بسبب الثأر والرغبة في الانتقام كما حدث ضد إحدى النساء السودانيات. وها هي الصحافة الاجتماعية المحترمة ممثلة بصحيفة «الدار» تعكس إنجازات المباحث الجنائية وقدرتها على صون المجتمع وحقوق أفراده وسمعاتهم. وإذا كان هناك من يهاجم الصحافة الاجتماعية ويطالب بإلغائها دون أن يوجه النقد بصورة منصفة إلى نقطة محددة، فإنه لا يمكن أن يكون تقديره أفضل من تقدير المباحث الجنائية. ولن يكون أذكى منها، وهو يعلم كم أنجزت وأبدعت و تآلّقت. ولو كان هناك احتجاج مستحق على استمرار أية صحيفة اجتماعية فأولى أن يأتي من «المباحث الجنائية» التي تتعامل وفق الإجراءات الجنائية ورجالها يحفظون قانونها والقانون الجنائي عن ظهر قلب.. إن كثيراً من أبناء الوطن لا يطالعون الصحف السياسية ولا الرياضية فلماذا يحرمون من الصحافة الاجتماعية صحافة الوعي الاجتماعي الذي به يمكن بناء مجتمع معافى من وضاعة الذوق وسوء الأخلاق والكراهية العنصرية وروح الانتقام والحقد والحسد؟! إن عملية الاستقراء وسط المجتمع التي تقوم بها الصحافة الاجتماعية لا يمكن أن يُستهان بها لمجرد مسألة يردها فرد أواثنان أو ثلاثة سبباً لإلغاء وإقصاء صحيفة اجتماعية مقروءة؟ لتمض صحيفة الدّار في مسيرتها التي يكفيها مباركة لها من «المباحث الجنائية» والتحية لضباط المباحث الجنائية العظماء الأذكياء ومنهم على سبيل المثال لا الحصر اللواء عبدالعزيز عوض صاحب الإنجازات المدهشة، والتحية لصحيفة «الدار» ويا دار ما دخلك شر.