منذ مفاصلة الإسلاميين الشهيرة العام 1999 ظلت الآمال وحدها تقف عاجزة عن تحقيق أحلام الكثيرين للم الشمل، وجمع الصف ووحدة الإتجاه والتوجه للإسلاميين، رغم المرارات التي خلفتها بتفرق السبل بين الوطني والشعبي. وهذه الآمال والأشواق كانت تقودها مبادرات يمكن أن تسمى جريئة، يمكن أن تصل إلى مرحلة المحاولات تقودها جماعات أو أفراد ولكن تصطدم في كل مرة بعقبات يصفها البعض بأنها نهائية لارجعة منها ،فيما يضع أمامها البعض خطوطا حمراء لا يمكن تجاوزها. ويبدو أن المناخ العام الذي يشكل إتجاهات السياسة في دول الربيع العربي، افرزت واقعا جديدة، بضرورة العمل من أجل وحدة الإسلاميين بالسودان. ويروي مصدر لي أن بقاء الإسلاميين بالسودان موحدين يشكل مصدر قوة لهم بعد نجاح ثورات الربيع، وما رشح بوجود مبادرة من بعض الدول تصب في الإتجاه، ولكن القائل يتساءل عن قدرة القائمين على وحدة الصف في تجاوز مطبات الخلاف العميق الذي وصل مرحلة أن رفض القيادي بالمؤتمر الشعبي أبو بكر عبد الرازق في حوار مع الزميلة (الأهرام اليوم) أية وحدة في ظل وجود المؤتمر الوطني في سدة الحكم. وقال الوقت غير مناسب. ويرى حسب قوله إن المناسب لذلك تخلي الوطني عن الحكم. وقال( لو اتحدنا مع أي حزب فلن نتحد مع المؤتمر الوطني ). ولكن رغم ضآلة الفرص الذي تحكمه مقتضيات الحال الآن وترسم ملامحه قيادات في الحركة الاسلامية نفسها مثل محمد الحسن الأمين الذي يرى أن الوقت غير مناسب. إلا أن الصورة قد تبدو غير ذلك ،وأن الحبل مازال ممدودا للوحدة عند رئيس لجنة مبادرة جمع الصف عباس الخضر الذي قال لي لن نيأس من الدعوة الى جمع الصف وكأنما يشير الى الآية ( ليس عليكم هداهم ولكن الله يهدي من يشاء ). فاذا كان الربيع العربي الذي اندلع في بعض الدول، رسم ملامحه الإسلاميون ،إلا أن في السودان مازالت الصورة غير مكتملة الملامح، رغم أن الأشواق هي الدافع الوحيد الى إطلاق المبادرات. ولذلك يرى الخضر ان الذين يطلقون عبارات الرفض لوحدة الإسلاميين يطلقون من اتجاهات لا علاقة لها بوحدة الصف، وانما لاتجاهات اخرى سياسية. وبالتالي يرى العديد من السياسيين والقياديين في المؤتمر الوطني يدعمون جمع الصف، وبالتالي الدعوة للمشروع تجاوزت القيادات المعطلة للوحدة الى التوجه مباشرة نحو الشخصيات والأفراد الذين يرغبون في تحقيق الاشواق ، وللمثال ليس الحصر يؤكد تصريحات نائب الرئيس ، رئيس القطاع السياسي للمؤتمر الوطني د. الحاج آدم الذي كشف في لقاء سابق عن تقارب مستمر بين حزبي المؤتمر الوطني والشعبي على مستوى الأفراد في إطار غير رسمي، واكد وجود رضا شخصيات بالمؤتمر الشعبي عن نهج الحزب الحاكم .وقال في حوار مع «الشروق» ، إن العلاقة بين المؤتمرين الوطني والشعبي لا تحل إلا عبر الحوار، وهو مستمر ليس على مستوى المؤسسات بل بين الأشخاص، ووصف نتائجه بالطيبة جداً فيما يتصل بالقبول والرضا العام. وقال إن ما يجري الآن بين الأشخاص سيثمر ولو بعد حين. وتابع: «هناك قبول كبير لأداء المؤتمر الوطني من شخصيات بالشعبي». وحتى الشقة التي تبعد المؤتمرين الوطني والشعبي لن تثني بعض القيادات عن التعبير عن رأيها في عملية جمع الصف، ولو بعد حين. ويقول القيادي في المؤتمر الشعبي المهندس آدم الطاهر حمدون في حوار صحافي سابق (إذا الناس ترفعوا عن الصغائر وتناسوا المرارات وخشوا الله سبحانه وتعالى وتوجهوا ببدايات التوجه القديم وتذكروا أهل السودان كما يقال (جدودنا زمان وصونا على الوطن) وليس كما هو الحال في الحركة الإسلامية التي تقول (وصونا لشق الوطن) حتى لا نفقد الجيل، فأنا مؤمن تماماً أن وحدة الحركة الإسلامية هي صمام أمن وأمان واستقرار هذا الوطن). وبالتالي الدفاع المستميت عن مبادرة جمع الصف الوطني من عباس الخضر له مايبرره رغم التشويش الذي يطلقه البعض من هنا وهناك. فهو يرى ان المبادرة ليست له، وانما جاءت عبر مؤسسة المؤتمر الوطني، وتحظى بدعم قيادات الحزب.واشار الى وجود تصريحات إيجابية من بعض قيادات الشعبي حول المبادرة إلى جانب أن المبادرة وجدت قبولا من الاخوان المسلمين. وقال نحن في انتظار أن يرد عليه حزب الأمة القومي، وحزب منبر السلام العادل. اذاً يبدو من خلال الظروف التي يشهدها السودان من حملة غربية تستهدف كل مكوناته، جعلت التفكير يتجه نحو تحقيق وحدة الصف الإسلامي والوطني لضمان ما تبقى من وحدة للإسلاميين في السودان، وربما الأشواق التي وصف بها محمد الحسن الأمين المبادرات لأنها لم تعرض حتى الآن للحوار،ربما تتحقق حتى ولو بعد حين وإلى حين ذلك، هل يستطيع رئيس المبادرة عباس الخضر قيادة سفينة جمع الصف إلى بر الأمان ويصلح ما افسدته الأيام؟ سننتظر وسنرى الأيام ماذا تقول؟