الخطة الاقتصادية التي وضعها الوزير الأسبق عبد الرحيم حمدي التي تحدثت عن مسارات ومستقبل التنمية في مناطق بعينها في السودان والمقصود بها الولايات الوسطى من النيل الأزرق وسنار ومنطقة كردفان حتى سميت الخطة بمثلت حمدي، جعلت المعارضة حينها تصوب سهامها إلى صدر الحكومة كونها تمايز تنموياً بين المناطق، رغم أن حمدي خارج الجهاز التنفيذي. ولعل القائمين على أمر ولاية النيل الأبيض حاولوا وضع بصمات تنموية في المدن الكبرى بالولاية في محاولة لإبعاد شبهة صناعة مثلث أو مربع. ومن الطرائف التي ذكرت إبان الانتخابات الماضية أن الوالي المنتخب يوسف الشنبلي كان يصطحب معه مواسير كبيرة «حقيقية ما بشرية» في كل جولاته الانتخابية متحدثاً عن المياه والصحة والتعليم وعداً سرمديا للأهل الولاية، وعند المغادرة إلى منطقة أخرى تتبعه ذات المواسير فكانت جزءاً من المراسم. وفي جزء من خطابه الانتخابي كان يؤكد ضرورة الاهتمام بالخدمات الأساسية، ومن أقواله: «ولأن ربك جنب البحر وعطشان ما بالك بقية المناطق» «وإيجاد تمويل لإنقاذ التنمية والاهتمام بالريف، والذين يتقدمون الصفوف هم الذين تذهب بهم أعمالهم الجليلة، وسوف أصدقكم القول». ولكن المدهش في الأمر أنه مازال يعد بذاك البرنامج الانتخابي الذي ذابت أوراقه من وضعها داخل الأدراج. وما يثير غضب الرأي العام في بحر أبيض أن التشكيل الأخير لم يحمل جديداً، إذ جاء بذات الملامح والشبه من التشكيل الذي سبقه، فكانت لعبة الشطرنج الذكية التحرك من موقع إلى آخر دون المغادرة، وما صاحبه من أزمة كانت بين الوزير اللواء أمن «م» الطيب الجزار والوالي، وكذلك الحديث عن مضايقات تعرض لها وزير الصحة الأسبق د. عبد الله. وقد أُثير جدل واسع حول الاثنين «الجزار وعبد الله» في حجم الخلاف بينهما وبين الوالي الشنبلي الذي عجزت حكومته بحسب مراقبين عن مواجهة العديد من التحديات التي تحاصر النيل الأبيض، حيث يتحدث البعض عن فشل حكومة الولاية في غسل وجه الولاية من أتربة التخلف البيئي والعشوائي، وعدم ظهور التنمية بشكل واضح للعيان، ويطرح البعض تساؤلات حول مصير العقود التي صرفت عليها أموال طائلة، على سبيل المثال لا الحصر مشروع كهربة مشروعات النيل الأبيض، وقد طلبت شخصية سيادية نافذة من الوالي تبرير عدم سير المشروع بالمستوى المطلوب، فضلاً عن ضعف بائن في مشروعات الطرق الداخلية بمدن الولاية، على سبيل المثال طريق عسلاية. وحالة الارتباك التي تسيطر على الحكومة بشأن إنفاذ مشروعات التنمية، جعلت بعض قيادات الولاية بالمركز وبحر أبيض تنوي الاتجاه إلى حث القيادة السياسية على تسمية شخصية تكون موفدة من قبل رئيس الجمهورية لمتابعة مشروعات التنمية بالولاية، على الرغم من أن الأمر وإن تم سيكون سابقة هي الأولى من نوعها، بينما رأى آخرون قبل قرار ترشيد الانفاق الحكومي وإعفاء مستشاري الرئيس أن تتم تسمية ابن الولاية المهندس إبراهيم هباني مستشاراً للرئيس لشؤون التنمية، على أن يتولى وبشكل مباشر الإشراف على مشروعات التنمية في بحر أبيض. والتحدي الذي يجابه حكومة الشنبلي في تحريك عجلة التنمية بالولاية كبير جداً، وربما لا يعي عدد من المسؤولين بحكومته عظم تلك المسألة، بدليل انصراف البعض إلى معارك انصرافية أقرب ما تكون لتصفية الحسابات كما تتهامس مجالس بحر أبيض، في وقت قطع فيه عدد من الولايات شوطاً مقدراً في مشروعات التنمية، وأوفى ولاتها إلى حد كبير بالتزاماتهم التي أعلنوها في الانتخابات الماضية، سيما أن جرد الحساب للتجربة الانتخابية قد بدأ داخل المؤتمر الوطني المركز العام، حسبما علمت الصحيفة من مصدر موثوق به.