ربما سمع الكثيرون بالطرفة التي تقال إنه بعد سقوط نظام الرئيس نميري وعهد فترة مايو «الظافرة والمنتصرة أبداً بإذن الله» على حد قول قائدها.. فقد تم عقد محاكمات نتج عنها إصدار أحكام متفاوتة على بعض المسؤولين الكبار جداً والبعض تم إطلاق سراحهم في مقابل أن يكونوا شهود «ملك» وشاهد الملك هو ذلك المتهم الذي يقر بكل شيء على إخوانه و«يفت» الموضوع و«يدق الدفوف ويطلع الفي الرفوف» وفي مقابل ذلك يحصل على الإفراج والعفو المشروط.. والمهم أن مجموعة من قادة ثورة مايو تمت محاكمتهم بأحكام طويلة فأحدهم كان قد حُكم عليه بما يصل إلى مائة عام وآخر بكم وثمانين عاماً.. وبالطبع كان معلوماً أن الجماعة ديل لا بد أن يموتوا داخل السجون لأن قضاء قرن داخل السجن يكاد يكون في عداد المستحيلات.. وتقول الطرفة إن المحكوم بالمائة عام والمحكوم بالثمانين عاماً كانا قد وضعا في السجن في مكان واحد وربما في غرفة مشتركة.. ولهذا فقد اتفق الطرفان على أن يؤانس كل منهما الآخر وقاما بجلب بعض المعينات وكان من بينها «كشتينة» جديدة لنج «كرت كرتونة».. ويقال إن بتاع الثمانين سنة قال لبتاع المائة سنة «أها الفورة كم؟» وكان المعروف أن «الفورة» في مختلف أنواع الألعاب الورقية لا تزيد عن ثلاثمائة وواحد وخمسين أو حتى واحد وثلاثين وذلك فيما يعرف بكنكان «أربعطاشر» أو «كنكان ستة». وبهذ المناسبة فإن ثقافة الكتشينة وألفاظها مثل كلمة كنكان وكلمة سبمهار قادمة من الثقافة الفرنسية والإيطالية وقد أضاف إليها «القمرتية» عندنا بعض المصطلحات مثل كرت الخمسين «والإسنافيك» و«هلم جرّا» وتقول الطرفة إن الزميل أبو مية كان متمهلاً جداً وقال لمرافقه «الفورة مليون نحن ورانا إيه».. والآن على الرغم من أن جهات سياسية وسيادية تقول للمفاوضين أن يتريثوا ولا يستعجلوا في المفاوضات إلا أن بعض المفاوضين قد لا يصدقون الأمر وإنما «يقوموا جارين» للدرجة التي ربما أن «عفشهم» لم يتم إحضاره من المطار في أديس أبابا يكونون قد بدأوا التفاوض ووصلوا لمرحلة الحريات الأربع وحسموا قضية منح المواطنة الكاملة للجنوبيين الذين انفصلوا بإرادتهم وحلفوا بالطلاق إنه الاستقلال وفكروا في منح الجنوبيين حق التملك في بلد المندكورو «أولاد الإيه» ومنحوا حق العمل للجنوبيين في الخرطوم التي قال زعيمهم باقان عند إعلان الاستفتاء «باي باي لوسخ الخرطوم باي باي للإسلام باي باي للعروبة باي باي للعبودية» وعلى الرغم من العبودية والوسخ والعروبة والإسلام و«المندكورية» إلا أن الجنوبيين «برضو عايزين يتلزقوا» فينا حتى يكونوا قد حرروا الجنوب ثم يحررون الشمال.. ولكن هذه المرة بالطبع سيكون التحرير بالزحف على السودان وبالجيوش المدعومة بالأجانب والمرتزقة والخونة والعملاء من أمثال عرمان وسيكون الزحف «لتحرير السودان» شاملاً بيت بيت ودار دار وزنقة زنقة وشارع شارع وأسرة أسرة وزول زول وطفل طفل وسيدة سيدة وفتاة فتاة.. وبمناسبة السيدة سيدة والفتاة فتاة فإن جيش الجنوبيين الزاحف بقيادة باقان وعمالة عرمان سوف يسبي نساءكم ويبقر بطون أطفالكم ولن يستثنى أي مندكورو كما يقولون وسوف يشرطون بطونهم ويدخلون السونكي والشلكاوي في مصارينهم وسوف يبقرون الحوامل منهم لإخراج الحمل من الأرحام وسوف يغتصبون نساء المندكورو جميعاً وكما قال سلفا كير «أضان همراء ولانخلّي». وهو يقصد إفناء المندكورو عن بكرة أبيهم.. طيب يا جماعة ما مستعجلين.. بالله علي مهلكم بل على أقل من مهلكم.. وقالوا ليكم الفورة ألف فعليكم أيها المفاوضون بأن تتريثوا وتتملهوا واحدة واحدة وإلى السنة الجاية أو اللي بعد الجاية.. وحتى ذلك الحين فإنه «يا مات الأمير يا مات البعير يا مات الفقير» على حد قول الشيخ فرح ودتكتوك.. أو على حد قولنا يا مات عرمان يا مات باقان يا مات عبد الفتاح.. مين عبد الفتاح ده..؟!! { كسرة: إذا علمنا أن الزول يحتاج يومياً إلى ما لا يقل عن كيلو جرام من الدقيق وربع رطل زيت وربع رطل سكر فهذا يعني أن أربعة ملايين جنوبي يستهلكون يومياً من موادنا الغذائية مائة ألف جوال ذرة ومليون رطل زيت ومليون رطل سكر وهذه تبلغ تكلفتها في اليوم مائتي مليار جنيه بالقديم وفي الشهر ستة ترليونات جنيه بالقديم برضو وفي العام اثنين وسبعين ترليون جنيه بالقديم برضو.. يا جماعة الناس ديل انتو عايزين بيهم شنو؟!! يا جماعة الناس ديل رحِّلوهم أهلهم.. يا جماعة هذا هو رأي معظم المندكورو بتاعين الإسلام والعروبة.. يا جماعة حلونا ربنا يحلكم..