لقد بدأت تتقلص أعداد الأبقار في القطاع الغربي لولاية جنوب كردفان منذ عام 1983م وذلك لانتشار الحركات المسلحة والأسلحة النارية في يد تلك القبائل.. فصارت النزاعات أكثر دموية وولدت ما يسمى بالنهب المسلح وصار الغبن من قبل الأطراف التي يقع عليها الاعتداء يولد حالة من التسابق نحو تسليح كل القبيلة وبذلك انتشر السلاح بمعدل خمس قطع لأبناء الرحل وقد تزيد، وقد بلغ التسليح في هذا الجزء من الولاية عددًا كبيرًا من الأسلحة الثقيلة مثل الراجمات والدوشكا والأربيجي والمدافع الثقيلة ومدافع القرنوف.. بل أصبحت هذه القبائل لها معسكرات تدريب وتشكيلات عسكرية ولقد كانت الطامة الكبرى تلك الأسلحة التي تم توزيعها لقبائل بعينها وأعدادها تتجاوز الألف قطعة وأغلبها من الأسلحة الثقيلة بالإضافة للغنائم التي جمعتها من الجيش الشعبي والذي انسحب انسحابًا غير منظم فكان يتخلص من أسلحته بدفنها أو برفعها في الكثبان والحشائش والأشجار الكبيرة مثل الجميز أو التبلدي أو أم سروج الصمه.. وحتى كتابتي لهذه المقالة هنالك أعداد كبيرة من الجثث وبجوارها أسلحتها «افادة الرعاة» وأن سعر قطعة السلاح الكلاشنكوف «200 400» جنيه بل إن متمردي الحركة الشعبية في جبال النوبة يتخلصون من سلاحهم بإلقائه في العراء بقصد التخلص منه.. ونخلص من هذه المقدمة أن كل فرد في هذا القطاع يمتلك أكثر من قطعة.. وبلا شك أن عدم استقرار الرحل في هذا الجزء من الولاية أدى إلى نفوق أعداد كبيرة من القطعان بالإضافة للنهب المسلح وسميات مخلفات البترول التي أثرت في المياه، ولولا الجهود المضنية التي تبذلها لجنة أمن الولاية لكان الأمر أكثر تعقيداً، في المراعي، وبهذه الأسباب اندفع الرعاة للعمل في شركات البترول وبكميات كبيرة مما اضطرت هذه الشركات أن قسمت العمالة إلى قسمين عمالة مؤقتة وعمالة لوظائف مستديمة.. وبكل ذلك لم تنعدم الخروقات الأمنية من قبل أولئك الذين حُرموا من إيجاد فرص العمل أو طُردوا من العمل أو أُوقفوا بانتهاء فترة التشغيل.. ولا بد لنا أن نتعرف على نوع الخدمات التي يقدمها هؤلاء العمال هي: 1/ عمال يومية (ردميات وعمال بناء وخرصانة). 2/ عمال نظافة. 3/ عمال حفر. 4/ عمال نقل (عتالة). 5/ عمال حراسة (خفراء). 6/ سعاة. ٭ هذه هي الوظائف المؤقتة حيث تتحايل هذه الشركات بفصل أو ايقاف العامل حتى لا يدخل في مدى الخدمة المثبتة.. علماً بأن ما وقعت عليه هذه الشركات وتعاهدت عليه هو تنمية إنسان المنطقة الذي حولت سكنه ومرعاه إلى بوتقة من السميات والهواء الملوث وحتى المدارس التي شيدتها شيدتها بالمواد غير الثابتة فقضت عليها دابة الأرض، ولقد أهملت هذه الشركات جركانات العبوات السامة والتي أصبحت تباع لنقل ماء الشرب للإنسان والحيوان، وبشهادة اختصاصيين فإن المنطقة تعاني من أمراض الدم وذلك لغياب مركز لدراسة البيئة كمؤثر يتلافى ظاهرة السميات في القطاع.. فإن البترول ضيق رقعة الأرض الزراعية والمسارات والفرقان وهلك الزرع والضرع.. كما أناشد الدولة للتحري بأثر رجعي لمعرفة كيف تم توزيع التعويضات ولماذا لم تتمسك الدولة بتحويل التعويضات.. إلى تنمية عامة بدل منفعة الأفراد.. كما أشيد بدور كبير المستشارين بوزارة الطاقة لوقفته الصلبة وإصراره على تحويل التعويضات إلى تنمية في المنطقة وكان من ضمن توصيات مؤتمر بابنوسة التركيز على تنمية المنطقة وأشار إلى تجاهل الشركات لهذه التنمية. ٭ الموقف الحالي لإنسان المنطقة 1/ تفشي الأمية وخاصة في مناطق حقول البترول فالأمية في هذه المنطقة عالية جداً بنسبة «85%». 2/ شركات البترول لم تفكر قط في مشروعات يستفيد منها إنسان المنطقة ولا تستوعب أي كم من العمالة إلا في أعمال مؤقتة. 3/ لا توجد قطعان من الماشية.. راجع عدد سكان القرية وقرية المنورة.. وما هي وسائلهم في كسب العيش.. ولقد أحرقت المياه المتدفقة من آبار البترول أكثر من «250» مشروعًا زراعيًا وهناك كم هائل من الأفدنة أصبح أرضًا جرداء بلقلعًا.. لا تصلح للزرع أو الرعي. ٭ ما هو الملاذ: تتسابق عشرات المئات من العمال كل يوم تبحث عن العمل لترجع بما تسد به حاجة أسرهم من الطعام والعلاج.. وكانت في السابق تحتج بقفل الطريق شاهرة سلاحها.. في وجه السلطات.. ولقد اعترضت على ذلك في أكثر من مقال على هذا التصرف.. وطالبت بوجود مكتب عمل في الحقل لمعالجة مثل هذه الأنات والخروقات الأمنية.. أما اليوم فهنالك إجراءات أمنية احترازية لمنطقة البترول واكبت إجراءات تأمين مسارات العرب الرحل، وهذا في تقديري سابقة أمنية نؤيدها ونؤكد ضرورتها.. وأن هنالك إجراءات مادية أيضاً نؤيدها.. وحتى تكون الإجراءات المادية فعّالة نقترح إضافة محطات مراقبة من ثلاث دوائر على مدى متباعد.. تحدد نوع الخطر واتجاهه وبعده ويتيح بذلك فرصة التعامل معه. ٭ أما إجراءات فصل كل الأيدي العاملة بحجة ساعدوا أو سربوا معلومات أو أرشدوا الأعداء على كيفية الدخول لهذه الحقول.. في تقديري هذه معلومات غير دقيقة وتحتاج إلى تأكيدها من عدة مصادر.. عليمة بما يدور في المنطقة.. فإذا أقدمت أي شركة من شركات البترول على فصل هؤلاء العمال على ضوء معلومات تخمينية فإنها بلا شك ستوسع دائرة النشاط الهدام.. والولاية الفيها مكفيها.. كما لا أتوقع أن يكون الفصل الجماعي للعمال من قبل الشركات بمعزل عن السلطات التي هي أكثر حرصاً على استتباب الأمن في المنطقة. لقد انتشر هذا الخبر وأصبح رأياً عاماً في كل القطاع فإن لم تسارع هذه الشركات وتصحح هذا القرار أو إيجاد البديل لهذه العمالة سيشهد شهر أكتوبر القادم صراعاً قد يخل بأمن المنطقة كلها، والمنطقة الآن عبارة عن قنبلة موقوتة.. ولا أنكر أن هنالك أعدادًا من أبناء هذه القبائل شاركت في معركة هجليج إما قدمت مع العدل والمساواة أو مع الجيش الشعبي لتحرير السودان «دولة جنوب السودان» وهم يعرفون المنطقة والطرق التي تؤدي لآبار البترول ومنشآته الهامة...