في نهاية يونيو من العام الماضي اتفقت الحكومة والجنوب مبدئيًا على إقامة منطقة عازلة على حدودهما المشتركة على أن تتولى قوة عسكرية إثيوبية مهمة مراقبة المنطقة العازلة، وقام الاتفاق الذي أبرمه مساعد الرئيس د. نافع علي نافع والذي تم إجهاضة لاحقًا على إقامة منطقة عازلة ترتكز حول حدود عام 1956 وعلى بعد 10 كيلومترات شمالاً وجنوبًا. وقال نافع حينها «ستكون هذه المنطقة العازلة تحت رقابة مدنية محدودة ومجموعة حراسة في عدد من النقاط في شمال وجنوب السودان، واتفقنا على أن تكون مجموعة الحراسة من القوات الإثيوبية». وكانت جولة المفاوضات تلك جزءًا من ترتيبات سبقت إعلان انفصال الجنوب في التاسع من يوليو من العام نفسه. الآن دخلت الإدارة الأمريكية على الخط من خلال مطالبتها للحكومة في الخرطوم بقبول خطة الاتحاد الإفريقي لإقامة المنطقة العازلة وهو المطلب الذي جاء على لسان المبعوث الأمريكي الخاص للسودان والجنوب برينستون ليمان في تصريحات نشرتها صحف الخرطوم أمس.. وكدأب واشنطن عند تقديمها لمطالبات فإنها ترفق معها محفزات عندما كشف ليمان عن مقترحات وصفها بالجيدة أمام الخرطوم للسماح بوصول المساعدات الإنسانية. كما ذكر أنه حال قبول السودان بالخطة فإن الأطراف الدولية ستمضي في تنفيذ العناصر الأخرى لنزع السلاح. وكان الحديث عن منطقة عازلة قد تجدد قبل نحو شهرين من خلال اقتراح تقدم به الوسيط بين البلدين ثامبو مبيكي، فقد اقترح قيام منطقة عازلة في الحدود بين البلدين بأن تعيد قوات كل دولة نشر قوات بعشرة كيلومترات إلى داخل حدودها، وهو الأمر الذي رفضه الوفد الجنوبي على لسان المتحدث باسم الجيش الجنوبي قيليب أقوير بقوله ل«الشرق الأوسط» إن الحديث عن شريط حدودي عازل حديث مضلل لأن الحدود بين البلدين لم يتم ترسيمها بعد. وأضاف «على المتفاوضين أن يبدأوا بقضية الحدود وترسيمها وليس الحديث عن شريط حدودي لم يتم تحديده أصلاً». وهو حديث وصفه عدد من المراقبين ب المناورة!! سيما وأن السودان ظل يؤكد حرصه على ترسيم الحدود والذي أقحمت فيه جوبا عددًا من المناطق السودانية مائة بالمائة في التفاوض وأشارت لجنوبيتها من خلال خريطة أضافت فيها مناطق نزاع جديدة لتكون ضمن مناطق النزاع بين البلدين وهي مناطق الزراعة الآلية بسنار، بحيرة الأبيض، كدندي، هجليج، الخرصانة، الميرم، أبيي، سماحة بجنوب دارفور بالرغم من أن مناطق النزاع والاختلاف الأصلية المتعارَف عليها من قبل الآلية الإفريقية هي: منطقة جودة والمقينص في النيل الأبيض ومنطقة كاكا ومنطقة حفرة النحاس ومنطقة كافيا كانجي، وكان وزير الدفاع ورئيس الجانب السوداني بالآلية السياسية الأمنية المشتركة بين السودان والجنوب عبد الرحيم محمد حسين أكد في مؤتمر صحفي في وقت سابق أن الخريطة التي قدمها وفد الجنوب في مفاوضات أديس أبابا تدل على عدائيات كبيرة وسوء نية مسبقة من دولة الجنوب للاعتداء على الأراضي السودانية. ويرى مراقبون أن الحديث عن منطقة عازلة قبل التعمق في الملف الأمني مسألة محفوفة بالمخاطر وتمكن الجنوب من التمادي في خروقاته سيما وأن جوبا لم تلتزم في كثير من المناطق بحدود 1956 المعترف بها دولياً.