منذ انطلاق جولة المفاوضات بين دولتي السودان وجنوب السودان بشأن الاتفاق على النفط تكهن الجميع بعدم تمكن الدولتين من الوصول لحل نهائي لتلك القضية خاصة أن دولة الجنوب من المعروف عنها عدم التزامها بجميع الاتفاقيات وصدقت تلك التكهنات خاصة بعد إعلان رئيس دولة الجنوب سلفا كير ميارديت تمسك بلاده مجددًا برفض إعادة تصدير النفط عبر السودان ما لم يتوصل الطرفان إلى اتفاق عادل حيث وصف ما جرى في المفاوضات بسرقة نفط الجنوب وأخذه عنوة، فعلى الرغم من تعرض الدولتين لضغوط كي تتوصلا إلى اتفاق جزئي لتأمين الحدود بينهما تمهيدًا لاستئناف صادرات النفط ومنع تردي وضع الدولتين إلى هاوية الانهيار الاقتصادي والحرب بجانب ترحيب السودان بالاتفاق على رسوم تصدير النفط كوسيلة تساعد على إعادة الاستقرار الاقتصادي، والذي يعاني خللاً واضحًا، بسبب فقدانه ثلاثة أرباع إنتاج البلاد النفطي قرابة «350» ألف برميل في اليوم بانفصال الجنوب ولكن تشير التوقعات إلى غير ذلك. ومن المعروف أن العائدات النفطية تمثل «98%» من إيرادات دولة الجنوب، لذا فلا بد أن يحرص على استئناف المفاوضات والتوصل لحل جذري بشأن المفاوضات خاصة أنها دولة وليدة، ولكن يبقى السؤال هل ستساهم الضغوط الدولية في الضغط على الجنوب للوصول لحل نهائي أم سيتجه للعمل بأسلوب (المماطلة) لعرقلة سير المفاوضات والعودة للمربع الأول في المحادثات بين البلدين عقب الانفصال وتوجيه الاتهامات للسودان مجددًا بسرقة نفط الجنوب الذي أكد مؤخرًا الاتجاه لعمل خطوط جديدة عبر يوغندًا من أجل تصدير نفطه للخارج. ويرى المراقبون أن الجنوب أصبح يستخدم النفط أداة لتحقيق أهداف سياسية معلنة أو مضمرة بين الجانبين خاصة أن السودان يواجه ضائقة اقتصادية في الآونة الأخيرة فبالنظر للشح المستمر في موارده من العملة الصعبة وارتفاع نسبة التضخم يتطلب أن يتم معالجة الأمر في أسرع وقت ممكن، فأصبحت دولة الجنوب تتخذ من النفط وسيلة لذلك بجانب إصرارها على اتهام الخرطوم بسرقة النفط بصورة مستمرة يساهم في تأزم الموقف بصورة دائمة، حيث يرى أحد الخبراء أن جوبا تتخذ من تلك الوسيلة حربًا ضد الاقتصاد السوداني خاصة أنه يعاني العديد من المشكلات ومن ناحية أخرى وصف الخبير الاقتصادي حسين خطوة جوبا بالمناورة والضغوط السياسية والاقتصادية، مشيرًا إلى أن المتضرر الأكبر هو دولة الجنوب باعتبار عدم امتلاكه للإيرادات والموارد الاقتصادية التي تساهم في معالجة اقتصاده في حال حدوث أي كارثة اقتصادية عكس السودان الذي يزخر بموارد اقتصادية عديدة مضيفًا أن تلك التصريحات تسحب من رصيد دولة الجنوب بعدم المصداقية في الاتفاقيات والسياسات في كافة المستويات على الصعيد المحلي والدولي، وقال: لا بد للطرفين التوصل لحل نهائي ومقبول بين الطرفين لتدارك حدوث أي مشكلة ورأفة بشعب البلدين.