عرف المواطن السوداني دروب الاغتراب منذ سنين عددًا حتى عندما كانت الظروف الاقتصادية في السودان جيدة حيث في نهاية الستينيات كان الجنيه السوداني يساوي ثلاثة دولارات أمريكية وكنا نحن من يبادر بمقاطعة أمريكا مثل ما حدث في الستينيات. واعتقد أن أول البلاد التي يمم السودانيون شطر وجوههم إليها هي المملكة العربية السعودية بحكم وجود بيت الله الحرام فيها وقبر الرسول صلى الله عليه وسلم ولكن للأسف لم يسجل التاريخ من هو أول مغترب سوداني أو قد يكون معروفًا ولكن تغيب المعلومة عنا. أما هنا في البحرين فقد عرفت أن العم عثمان حسين أطال الله في عمره والأستاذ الصحفي عبده بشارة من اولائل من حطّت أقدامه على ارض البحرين وكان ذلك في الستينيات. وقد كانوا بحق سفراء للسودانيين هنا ونماذج طيبة وعكسوا الأخلاق السودانية السمحة مما اوجد سمعة طيبة لنا ما زالت الجالية السودانية هنا تحتفظ بها وتجد من خلالها الاحترام والتقدير من الجميع. وحقيقة كما قال أستاذي الدكتور عثمان أبو زيد إن كلمة العودة الطوعية التي تستخدم عادة من خلال الإعلام الرسمي والمؤسسات الرسمية لا تمثل المصطلح المناسب لأن العودة الطوعية عادة ما تقال في حق اللاجئين أو من هم في المعسكرات ويعودون طوعًا إلى مواقعهم وقراهم مثل ما يحدث في دارفور. ورأى دكتور عثمان أبو زيد أن كلمة مهاجر تنطبق من ناحية تأصيلية على من ترك وطنه وذهب إلى وطن آخر قال تعالى: «وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَماً كَثِيراً وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً». وأعتقد أن طلب الرزق هو نوع من أنواع الهجرة الشرعية ولا شك أن من يترك وطنه وأهله ويهاجر لدولة أخرى طالبًا للرزق يعتبر في سبيل الله. إذاً ما أردنا أن نقوله من خلال هذه الرسالة هو أن مصطلح العودة الطوعية ليس هو المناسب استخدامه لعودة المغترب إلى دياره ويمكن أن يُستبدل هذا المصطلح بمصطلح آخر أكثر تأصيلاً وقربًا للمعنى. ممكن أن تكون العودة الاختيارية أو العودة الوطنية أو العودة النهائية أو غيرها من الأسماء التي تحمل المعنى في اتجاهه الصحيح. من خلالكم اشكر أستاذي الدكتور عثمان ابوزيد على مداخلاته الطيبة وتوجيهاته السديدة التي تولد فينا الأفكار وأستميحه عذرًا بأنني نشرت حوارنا دون استئذان منه لعلمي بأن فيه فائدة للجميع