جميلة هي أفكارنا... والأجمل منها هي الفكرة التي نرويها بعرقنا وإخلاصنا واتحادنا وكل إمكاناتنا.. فقد سحرتني بل سحرتنا فكرة أسبوع«إصحاح البيئة» لا لأنها صادفت هوى في نفوس المواطنين فحسب، بل لأنها أتت في وقتها فقد انهكتنا النفايات والبعوض والذباب وجيوش الحشرات ومخلّفات الخريف،، ولأنها أعادت لنا جوانب ذات قيم تربوية طال عهدنا بها تمثلت في تعليم الطالب قيمة المشاركة والتغيير في المجتمع، بل أفرحت الطالب وجعلته يحسُّ بأنه ذو دور ومسؤولية، ويُرجى منه، وأذكت روح التعاون واليد الواحدة بين التعليم والصحة من جهة والطلاب والمواطنين من جهة أخرى،،، فقد رحب الجميع بالفكرة وتفاعلوا معها تفاعلاً منقطع النظير حتى صغار الطلاب بذلوا مجهودًا أكبر من أجسادهم مما جعلنا كمعلمين نشفق عليهم،، لم يحتج أحد للتوجية أو الإشراف، فالكل كان يعمل برغبة وولاء للبلدة وللفكرة فعاد لنا الزمن الجميل وناسه ناس النفير والفزع وأبو مروّة ولابد أن للفكرة جانباً حضارياً يتمثل في أن الذي يُنظف سيكون هو أول من يُحافظ على النظافة وبالتالي نكون قد أدينا درساً ذا شقين، النظافة كقيمة عظيمة والمحافظة عليها كقيمة أعظم.. ولكن هذه اللوحة الجميلة التي رسمها طلاب ومعلمو مدينة العزازي جاءت مشروخة وسبب ذلك الشرخ حضور التعليم وغياب الصحة، واللوحة بالطبع لن تكتمل إلا بتلاحم وتعاون التعليم مع الصحة..وقد انطبق علينا المثل «جو يعاونوه في قبر أبوه دسّ المحافير». أقول ذلك لأننا في مدينة العزازي ذات السوق الشهير ولابد أن لهذا السوق منافع لأهل العزازي لا تنكر ولكن أضرار هذا السوق على البيئة الصحية يفوق منافعه.. ولابد أن لهذا السوق إيرادات، فنحن لم نطالب بتعمير مدارسنا المتهالكة أو ستر التي تجلس في العراء، ولم نطالب بردم شوارعنا التي يُقيم فيها البعوض من الخريف للخريف... نطالب فقط لمدينة السوق ومن إيراد «سوقنا« بعربة نفايات على الأقل لدرء مخلّفات السوق التي دقت أبواب منازلنا وبالمعنى التجاري ما جلبه السوق فليزيله السوق وهذا هو الحدالأدنى وحتى لا يكون هذا السوق نقمة بدلا عن نعمة خصوصاً أن مدينة العزازي مدينة مرتادة والارتياد يتطلب النظافة والجمال والرقي.. يرتادها الباعة والمشترون وطلاب العلم والمسافرون، ويرتادها الناس للعلاج والاستشفاء، كل ذلك يمثل ضغطاً رهيباً على المدينة يتطلب معالجات صحية حتى لا تحدث كوارث بيئة بسبب غياب محافير الصحة، انقضى الاسبوع الذي تفانى فيه الطلاب والمعلمون وشارك فيه المواطنون ولم تكن هناك وسيلة غير حرق النفايات رغم قباحة الحريق ومخلفاته وأضراره الصحية التي يعرفها الجميع.. مما جعل اللوحة مشروخة.. والأمرّ في الأمر أنه لم يرجع الطلاب بالفرحة التي خرجوا بها، بل رجعوا بيأس وإحباط. مناهل إبراهيم ميرغني - معلمة المناقل العزازي