من أصعب المحطات التي تقابل المغترب في مسيرته الحياتية والاغترابية هي محطة الزواج حيث البعد عن الأهل والأصدقاء ومرتع الصبا والطفولة ومع طول المدة تتغير ملامح الناس وينشأ جيل جديد لا تعرفه ولا يعرفك وعزاك فقط الأخبار التي تصلك من القادمين من البلد «فلانة عرسوها وبنت فلان ديك بقت كبيرة وحلوة واسي جاها كم عريس ورفضتهم وزميلتكم اللي كانت تقرأ معاكم ديك خطبوها وووو». وأنت يا مسكين تائه في ديار الغربة والترحال تلملم في عقاب عمرك طول اليوم عزاك ريال ولو تعرف حبايبك ملو من سفرك ومن هالحال عايزنك قريب منهم تحرث في الأرض تربال ومن عرق الجبين ياكلوها لقمة حلال كثيرة هي معاناة المغترب في اختيار العروس حيث يمثل له هذا الموضوع هاجساً نفسياً خطيراً ويظل طول الليل والنهار يفكر في كيفية اختيار شريكة الحياة في ظل ضغوط الأسرة وملاحقتها له بالإسراع في الزواج، وتتبرع له الوالدة بالعروس من بنت أختها، والوالد يختار له بنت أخيه، وأخته تختار له صديقتها، وهو محتار ماذا يفعل إذا هذا الخضم العجيب من التلاطمات العاطفية، مع كثرة الخيارات والصديقات سواء عبر «الفيس بوك» أو عبر عهد قديم قطعه مع أخرى كانت زميلته في الدراسة أو جارتهم في المنطقة وهكذا تجده مشتت بين هذه وتلك لا يعرف ماذا يفعل؟. وعندما تغيب الرؤية ويحتار المغترب في الاختيار يلجأ أحياناً إلى الصور وأشرطة الفيديو خاصة حفلات الزواج في منطقته التي يأتي بها أصدقاؤه وكثير من الزيجات تمت بهذه الطريقة حيث يشاهد أحدهم فتاة تعجبه عبر الفيديو ويسأل منها ومن ثم يعرف أهلها وتبدأ عملية الاتصالات بالأهل ومن ثم التأكيد ويتم الزواج. وإن كان مثل هذا الزواج فيه الكثير من المغامرات والمخاطرات وقد يقود إلى الفشل لأن الاختيار مبني هنا على الشكل وليس على المعايشة والروح وتكون العاطفة فيه هي المسيطرة ومثل هذا الاختيار دائمًا ما يقع فيه قليلو الخبرة والتجربة أو أولئك الذين كاد أن يفوتهم قطار الزواج. وقد يفاجأ الاثنان العريس والعروس بعد أن تفك «السكرة» وتأتي الفكرة بأنهما مختلفان في كل شيء وأنهما لا يتوافقان في الرؤى والأفكار وطريقة الحياة وأن ارتباطهما ببعضهما البعض كان أكبر خطأ في حياتهما ويحصل الندم حيث لا ينفع الندم بعد ذلك لأن رباط الزواج هذا رباط وثيق ومتين والانفكاك منه صعب جداً عكس الاختيار الذي يمكن أن يأتي في أي لحظة.