بضعة كيلومترات هي التي تفصل بين القصر الجمهوري ومحلية شرق النيل، وهذه الكيلومترات وضعت فوارق شاسعة بين أحياء وسط الخرطوم ووسط شرق النيل، هذه المحلية التي مازالت تبحث عن رجل يضع بصماته فيها بوضوح كما فعل من قبل المهندس عبد الله عثمان الحاج الذي وضع اللبنات الأولى لكبري المنشية ومستشفى شرق النيل والجامع الكبير ثم سار علي جرقندي من بعده على ذات النهج وأكمل الجعفري فيما بعده، فلا يُعقل أن تكون هناك بعض الأحياء في محلية شرق النيل ونحن في عصر ما بعد الألفية الجديدة ويبحث الأهالي عن قطرات الماء العذبة وهم يجاورون النيل الأزرق، ولا يعقل أن يكون سعر استهلاك اللمبة الواحدة من قبل ملاك المولدات الكهربائية عشرين جنيهًا في الشهر والكهرباء المدعومة فقط بخمسة عشر جنيهًا، ولا يُعقل أن تكون المسافة بين الكرياب والمنشية لا تتعدى الثمانية كيلومترات ومعتمد شرق النيل يفشل في تحقيق نصف طموحات سكان المنطقة التي لا تتعدى ربع ماهو موجود في المنشية. إن أهل الكرياب لا يريدون من معتمد شرق النيل تحويل منطقتهم إلى منشية أخرى بخدماتها ومياهها النقية، وهم يستحقون ذلك باعتبار مواطنتهم، ولكنهم فقط يريدون توفير الكهرباء والمياه النقية العذبة ويريدون إصحاح بيئة تقيهم وأطفالهم شرور البعوض وأضراره مع الإضرابات المستمرة لشركة النظافة في المحلية خلال الفترة الماضية، وقد يستغرب الكثيرون حين يعلمون أن منطقة الكرياب وبالرغم من قربها من الكثير من مناطق شرق النيل إلا أنها المنطقة الوحيدة التي تعاني من الإهمال أكثر من غيرها من قرى شرق النيل إن كان من معتمدها أو من يمثلها في البرلمان، وقال لي بعض سكان المنطقة إنهم يعانون من الكثير من المشكلات ولكن ما يهمهم فقط الآن الكهرباء وتوفيرها خاصة وأنهم دفعوا رسومهم منذ أكثر من شهرين وحينما يسألون عنها يجدون إجابة واحدة متكررة «جاية قريب»، أما فيما يختص بمياه الشرب فقال بعض المواطنين إنهم يخصصون ميزانية ثابتة لشراء المياه العذبة من سوبا لأن مياههم «مالحة» وقالوا إن الفترة الماضية شهدت بداية حفر بئر في المنطقة لتوفير هذه الخدمة، والى جانب المياه والكهرباء يشتكي المواطنون من عدم تخطيط منطقتهم على الرغم من انتهاء جل مراحل التخطيط، فهل ينجح معتمد شرق النيل دكتور ياسر الفادني في إيجاد حلول لمشكلات أهل الكرياب أم تترحل قضاياهم إلى أجل غير معلوم كما يحدث معهم دومًا؟ نرجو أن ينعم أهلنا في تلك المنطقة بكافة الخدمات حتى لا يتسرب إليهم الشعور بالغبن والمناطق التي هي أبعد منهم تصلها الخدمات المختلفة. عموما الأيام القادمة «الإنتباهة» ستفتح ملفات متكاملة عن مشكلات شرق النيل ومن بعدها محليات الخرطوم الأخرى حتى يجد المواطن كامل حقوقه من الدولة التي يدفع لها العوائد والضرائب وكل مستحقاتها ولكن البداية ستكون من مناطق وقرى أرض القرآن والشيوخ بشرق النيل.