ربما كان قرار الرئيس عمر البشير طرد (13) منظمة أجنبية في 2009م، من أهم المؤشرات التي سلطت الضوء على الأدوار السلبية للمنظمات الأجنبية في البلاد، ولأن المنظمات ما خرج منها وما بقي واقع يقتضي التعامل معه بحرص وحذر، لاقتناص الفوائد المرجوة منها، وفي الوقت نفسه الحد من نشاطاتها الضارة بالبلاد بالقوانين المختلفة. في هذا الإطار قدم مركز دراسات (الشرق الأوسط) كتاب(المنظمات الخفية في السودان، الوجه الخفي.. وحقيقة الأهداف)، الذي تعاون مع المركز السوداني للخدمات الصحفية في عرض الكتاب الذي تناوله بالنقد والتحليل مجموعة من المختصين، وأدار الملتقى بروفيسور يوسف فضل حسن. السفير عطا الله حمد بشير قدم استعراضاً عاماً للكتاب لفت من خلاله النظر إلى أن المنظومة الدولية الحالية أكسبت المنظمات التطوعية نوعاً من الشرعية، فقد صارت جزءاً لايتجزأ من السياسة الدولية، وقد كانت حرب الجنوب ومن ثم دارفور سانحة لتدفق المنظمات الأجنبية بأعداد هائلة. وقد جرى تهويل أزمة دارفور على نحو يفوق الحرب العالمية الثانية وحرب أفغانستان، وذلك لإسقاط نظام الحكم في السودان. وأضاف أن المنظمات تعتبر واجهة لدولها أو أجهزة الاستخبارات الخاصة بها، وبعضاً منها مس سيادة الدولة عبر اتفاقاتها مع المحكمة الجنائية الدولية بمدها بالتقارير والمعلومات. وأوضح أن أكثر المنظمات نشاطاً هي التي تتبع للدول الأكثر عداءً للسودان وهي الولاياتالمتحدةالأمريكية ،فرنسا، بريطانيا والنرويج. ولفت للإرتباط بين سياسات الدول الغربية والمنظمات، مشيراً إلى أن المبعوث الأمريكي السابق للسودان اندرو ناتسيوس كان رئيساً للمنظمة التطوعية الأمريكية (كير)، الذي انتقده بأنه لايخلو مما اسماه(النفس الحكومي)، وما كان له ذلك، وهو كتاب صادر عن مركز علمي، لم يسع الكتاب لمعرفة مصادر تمويل المنظمات أو موازناتها المالية. كما اكتفى بتوضيح أدوار المنظمات السلبية. ولم يشر لإيجابياتها، كما تجاهل وجود المنظمات الوطنية. وعبر تجربته العملية أكد مدير مركز العلاقات الدولية ومدير إدارة المنظمات بمفوضية الإغاثة (1995 -1997 ) أن التجاوزات غير المسموح بها هي القاسم المشترك بين المنظمات الأجنبية. وذكر أن منظمة العون الشعبي النرويجي 1986 رفضت العمل تحت مظلة(شريان الحياة)، ورفضت الامتثال للتسجيل ولا تزال تعمل حتى اليوم بصورة غير شرعية. وأضاف أنه في العام 2000 اعترف الطيارون الذين يعملون بالمنظمة أنهم نقلوا سلاحاً من يوغندا إلى جبال النوبة بكردفان، وفي يوليو 1999 ادعت المنظمة أن الحكومة السودانية استخدمت أسلحة كيمائية بالجنوب، ما دفع الأممالمتحدة للنظر في الأمر، وكلفت أحد المعامل الأوربية للنظر في الأمر الذي انتهى بتبرئة الحكومة. ولتبيان الدور الخطير الذي تلعبه المنظمات الأجنبية في السودان قال إن منظمات (كير لرعاية الطفولة وأوكسفام وأطباء بلا حدود) أصدرت في 17/10/1997 بياناً عنوانه(السودان.. من يملك إرادة السلام)، وهو الذي شكل حجر الزاوية في العملية السلمية في السودان. ومن واقع خبرته كمدير لإدارة المخابرات بجهاز الأمن والمخابرات نوه العميد صلاح مبارك لمخاطر المنظمات إلا أن الكتاب تناول مهددات المنظمات بالداخل، ولم يشر لرصيفاتها بالخارج. وتطرق لمنظمة (التضامن المسيحي) وامتدح دور الدبلوماسية السودانية في وقف نشاطها، وذكر أن (سودان كلكيشون) وهي تجمع ل(81) منظمة تعمل ضد السودان. وأضاف أن العام 2007 شهد حملة منظمة قامت بها (57) منظمة في وقت واحد. وتساءل صلاح عن أدوار المنظمات العربية والإسلامية، وعن رؤيته للكتاب قال، إنه لم يتناول قانون المنظمات التطوعية 2006م، ولم يتطرق لتجارب دولية في شأن المنظمات الأجنبية، كما استغرق في جانب منه لعلاقات السودان الدولية دون حاجة لذلك. رئيس شعبة العلوم السياسية بجامعة الخرطوم الشفيع محمد المكي أشار إلى أن ظهور المنظمات مرتبط بقضايانا ونزاعاتنا. وإذا لم تملأ الحكومة الفراغ الذي خلفته هذه الأزمات، ستحل المنظمات محلها. فالحياة لا تحتمل الفراغ. وقال إن صحف الجمعة الماضية حملت تصريحات حكومة كسلا التي تطالب بعودة المنظمات المطرودة أو بديل لها. ودعا لإعمال الشفافية بالبلاد. وتساءل عن تقرير مولانا دفع الله عن دارفور.