وزير الخارجية الأمريكي الأشهر في تاريخها الحديث هنري كيسنجر، الذي اقترب من عقده التاسع، وهو على عتبة العشرية التاسعة له، تنقل عنه صحيفة ديلي إسكيب تصريحاً يثير حوارًا وعصفاً على المشهد العالمي، ولولا تاريخه الطويل وتعبيره عن تعصبه اليهودي وعقليته الصهيونية ودعمه اللامحدود لإسرائيل، لما اهتم العالم وخاصة المنطقة العربية وصحفها وإعلامها بما قاله الرجل فقد أوردت الصحيفة المذكورة عنه :«في اعتراف مدهش لوزير الخارجية السابق في عهد نيكسون، يكشف هنري كيسنجر عما يحدث في العالم في الوقت الراهن، وخصوصاً في الشرق الأوسط. وبينما يتحدث من شقته الفاخرة في مانهاتن، ينظر السياسي المخضرم الذي ناهز من العمر «89» عاماً في أيار »مايو« الماضى إلى الأمام أيضاً في تحليله للوضع الحالي للمسرح العالمي الجيو سياسي والاقتصادي. ويقول كيسنجر:«إن الولاياتالمتحدة ستقوم بإطفاء الصين وروسيا، والمسمار الأخير في النعش سوف يكون إيران، التي تشكل، بطبيعة الحال، الهدف الرئيس لإسرائيل» وصرح هنري كيسنجر مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق: «إنّ أجراس حرب عالمية ثالثة قد بدت تدق في الأفق وطرفاها هم الولاياتالمتحدة من جهة والصين وروسياوإيران من جهة أخرى». وأكد« أنّ واشنطن تركت الصين تعزّز من قدراتها العسكرية وتركت روسيا تتعافَى من الإرث السوفيتي السابق، مما أعاد الهيبة لهاتين القوتين، لكن هذه الهيبة هي التي ستكون السبب في سرعة زوال كل منهما ومعهما إيران التي يعتبر سقوطها هدفًا له الأولوية عند إسرائيل». وأضاف كيسنجر«إن ما يجري الآن هو تمهيد لهذه الحرب التي ستكون شديدة القسوة بحيث لا يخرج منها سوى منتصر واحد هو الولاياتالمتحدة من وجهة نظره». وأضاف: «إنَّ إدراك الاتحاد الأوروبي لحقيقة المواجهة العسكرية المحتومة بين أمريكا وكل من روسيا والصين المتباهيتين بقوتهما، دفعه للمسارعة بالتوحُّد في كيان واحد متماسك قوي». وأوضح كيسنجر أنه يدرك أن كلاً من الدبّ الروسي والتنين الصيني لن يقفَا موقف المتفرِّج ونحن نمهد الطريق لقوتنا، خصوصًا بعد أن تشن إسرائيل حربًا جديدة بكل ما أوتيت من قوة لقتل أكبر قدر من العرب. وهنا سيستيقظ الدب الروسي والتنين الصيني، وقتها سيكون نصف الشرق الأوسط على الأقل قد أصبح إسرائيليًا، وستصبح المهمة ملقاة على عاتق جنودنا، وأقصد هنا الأمريكيين والغربيين بصفة عامة، المدربين جيدًا والمستعدين في أيّ وقت لدخول حرب عالمية ثالثة يواجهون فيها الروس والصينيين. مزهواً بأنهم مثل مطلق النار الماهر الذي يفتح الجراب لاستلال المسدس، وعندما يحاول المبارزة، بانغ بانغ. وكما صرح « بأنّ الدوائر السياسية والإستراتيجية الأمريكية طلبت من العسكريين احتلال سبع دول شرق أوسطية من أجل استغلال مواردها الطبيعية خصوصًا النفط والغاز، مؤكدًا أنّ السيطرة على البترول هي الطريق للسيطرة على الدول، أما السيطرة على الغذاء فهي السبيل للسيطرة على الشعوب». وكشف كيسنجر أنَّ العسكريين الأمريكيين حققوا هذا الهدف تقريبًا أو هم في سبيلهم إلى تحقيقه استجابة لطلباتنا. »«وبقي حجر واحد علينا إسقاطه من أجل إحداث التوازن، وهو المتمثل في إيران». ويمضى في حديثه قائلاً«سوف تكون الحرب القادمة شديدة لدرجة أن قوة عظمى واحدة فقط تستطيع الفوز، وهي نحن أيُّها الرفاق، وهذا هو السبب في أن الاتحاد الأوروبي في عجلة من أمره لتشكيل دولة عظمى، لأنهم يعرفون ما هو آتٍ. فلكي تبقى على قيد الحياة، سوف يتعين على أوروبا أن تكون دولة واحدة متماسكة جميعاً. ويخبرني إلحاح الأوروبيين على ذلك أنهم يعرفون جيداً أن هذه المواجهة الكبيرة مقبلة. آه، لكم حلمت بهذه اللحظة الرائعة». «تحكم بالنفط ويمكنك التحكم بالدول، تحكم بالغذاء ويمكنك التحكم بالشعوب».ثم أضاف السيد كيسنجر: «إذا كنت شخصاً عادياً، فإنه يمكنك إعداد نفسك للحرب بالانتقال إلى الريف وبناء مزرعة. لكنك يجب أن تأخذ معك أسلحتك، لأن جحافل الجائعين ستتجول هناك. وكذلك، وعلى الرغم من أنها ستكون للنخبة ملاذاتهم الآمنة وملاجئهم المتخصصة، فإنه يجب عليك أن تكون حذراً أثناء الحرب مثل المدنيين العاديين، لأنه مازال من الممكن الوصول إلى الملاجئ». وبعد التوقف بضع دقائق لاستجماع أفكاره، مضى كيسنجر إلى القول: «قيل لنا إن الجيش يجب أن يستولي على سبع دول في الشرق الأوسط بسبب مواردها، وهو على وشك إنجاز مهمته. ونحن نعلم جميعاً ما أعتقد به إزاء الجيش، لكن عليّ القول إنه أطاع أوامره بشكل مفرط هذه المرة. لم يتبقَ سوى مجرد ذلك الحجر الأخير، أي إيران، التي سوف تعدل كفة الميزان. إلى متى يمكن للصين وروسيا أن تقفا ساكنتين وتراقبا أمريكا وهي تقوم بالتنظيف؟ سوف يستيقظ الدب الروسي والمنجل الصيني من سباتهما، وهذا هو الوقت الذي سيتعين فيه على إسرائيل أن تقاتل بكل ما أوتيت من قوة وأسلحة لقتل أكبر عدد ممكن من العرب. والأمل، إذا سارت الأمور بشكل جيد، أن نصف الشرق الأوسط ستصبح منطقة إسرائيلية. لقد تم تدريب شبابنا بشكل جيد على مدى العقد الماضي أو نحو ذلك على ألعاب القتال الإلكترونية، وكان من المثير أن نرى لعبة «نداء الواجب الحربية النسخة الثالثة»، والتي تعكس بالضبط ما هو آتٍ في المستقبل القريب في برمجتها التنبوئية. إن شبابنا، في الولاياتالمتحدة والغرب، مستعدون لأنه تمت برمجتهم ليكونوا جنوداً جيدين. وعندما يصدر الأمر إليهم بالخروج إلى الشوارع ومحاربة أصحاب الذقون المجنونة، فإنهم سيطيعون الأوامر. من الرماد سنقوم ببناء مجتمع جديد، وسوف تكون هناك قوة عظمى واحدة فقط باقية، وسوف تكون هذه القوة هي الحكومة العالمية فهذه هي اللحظة التاريخية التي ظللت انتظرها طيلة حياتي لا تنسوا، إن لدى الولاياتالمتحدة أفضل الأسلحة، ولدينا أشياء لا توجد لدى أية دولة أخرى، وسوف نقدم هذه الأسلحة إلى العالم عندما يحين الوقت المناسب» : هذا بعض ما نقلته وسائل الإعلام عن هنري كيسنجر وسأناقشه من عدة محاور: 1/ كيسنجر هل يعبر عن تحليل شخصي أم موقف مؤسسة؟ 2/ إن كانت هناك مؤسسة تتبنى هذا السيناريو الدموي ما هي هذه المؤسسة ومن هم رموزها وما هي المنطلقات الفكرية والأبعاد العقائدية التي تنطلق منها؟ 3/ ما هي الإجراءات العملية التي تمت خلال الشهرين المنصرمين والتي جعلت الوقوف عند تصريحات كيسنجر أمرًا على درجة من الأهمية؟ 4/ ما هي السيناريوهات المحتملة لوقوع مثل هذه الحرب الكونية النووية وما هي الحيثيات التي تدعم كل سيناريو ؟ 5/ أين ستقف الدول العربية وحركات العمل الإسلامي التي وصلت للسلطة وما هو موقع الجهاد الكوني من الإعراب في هذه السيناريوهات؟ سأناقش هذه الموضوعات في حلقات مقبلة