عندما قامت الحرب الإسبانية كان الرئيس فرانكو يستعرض جيشه لأغراض التنوير.. وكان يخطب فيهم بطريقة حماسية محفزة للذود عن الوطن ولبذل النفس والنفيس للحفاظ على مقدرات البلاد.. وكان من خطط الرئيس فرانكو التنظيمية أنه يجعل جيشه يصطف في أربعة أضلاع وطوابير متساوية ومتماسكة مكونة مربعاً يقف في وسطه الرئيس لتنوير جنوده.. وفي إحدى المرات قال لهم: إن عليهم أن يعلموا أنهم ليسوا وحدهم الأربعة طوابير التي تحارب وتحمي الديار ولكن هناك طابوراً خامساً يعمل مثلهم تماماً من خلف الحدود ويقوم بعمل التخذيل وجمع المعلومات وتحليلها وإرسال الأخبار ونشر الإشاعات في صفوف العدو مما يساعد طوابير فرانكو الأربعة على اتخاذ القرار السليم والمناسب في الوقت المناسب.. ومنذ ذلك اليوم علمت الجيوش أن هناك تعريفاً جديداً لفئة «المنافقين» والعملاء والمخابرات المضادة يتم تصنيفهم على أنهم «الطابور الخامس». والطابور الخامس في السودان بالطبع هو ذلك الجمع من الرجال والنساء الذين انعدمت في ضمائرهم عناصر الوطنية وتحولوا إلى عملاء للأعداء وتعرفونهم واحدًا واحداً.. ولن نحتاج إلى كثير تفصيل او تفسير حتى نقول إن الأعداء هم مؤيدو «الحركة الشعبية» ومؤيدو «سلفا كير وباقان ومؤيدو عرمان» وهم حكومة الجنوب بكل تكويناتها وبهذا الوصف المفصل سيسهل علينا تحديد من هو الطابور الخامس!! فكل من يدافع عن حكومة الجنوب وكل من يؤيد ويشجع ويقف مدافعاً عن الحركة الشعبية ما هو إلا طابور خامس وما هو إلا عميل وجاسوس سواء كان رجلاً أو امرأة أو شيخاً. وبالطبع إن كان هذا العميل سياسياً فسيكون ظاهراً في «لحن القول» «وجرجرة» الحديث والمداورة والمحاورة، وسوف نجد أنه من المطالبين بإعطاء الجنوبيين ما ليس من حقهم وإعطاء الحريات الأربع وسنجد أنه من المنادين علناً بالتسامح مع الجنوبيين حتى حد الانبطاح وحتى وهم يحتلون أرضنا وآبار بترولنا وسنجد أنه من المؤيدين لحركات التمرد كلها ومن المطالبين بدعمها وإن كان العميل من ذوي الرأي فسنجد أنه من المطالبين بدعم الأعداء وبالتجارة معهم ومن المؤيدين لتنازل الشمال عن كل حقوقه التأريخية في الأرض وفي الموارد الاقتصادية وفي الحدود.. وسنجد أن «صاحب الرأي» هذا يصف الوطنيين بأنهم دعاة حرب.. ونقول: إن الصفوف الآن قد تمايزت وظهر الحق.. وعرف الناس أن منسوبي الحركة الشعبية لا عهد لهم ومعظمهم «لا دين لهم».. فكيف نثق في أناس لا دين لهم ولا تأريخ ولا هُوية ولا ثقافة.. قوم لا يعرفون غير القتال والصراع.. هؤلاء القوم إذا جاءوا إلى الخرطوم وإذا انتصروا علينا وهزمونا فإنهم لن يفرقوا بين من كان مؤيداً لهم ومن كان عميلاً مرتزقاً معهم ولا من كان تحت «جزمتهم».. هم يعرفون فقط أن «المندكورو» ود العرب أبو «أضان حمراء» يجب قتله وسحله.. ولن يفرقوا ما بين زول مؤتمر وطني وزول شيوعي وزول شعبي وآخر حزب أمة ولا حتى «زول ساكت» لأن معركتهم كما رسمها لهم الصهاينة هي قتل المندكورو متى ما وجدوهم وكيفهما وجدوهم.. ولن يتوقفوا ليُمعنوا النظر في منسوبي قطاع الشمال من أولاد الشمال «الغبيانيين» ومن «مناصري» الحركة الشعبية وعملائها وطابورها الخامس.. وسوف يغتصبون كل نساء الشمال من حلفا إلى جودة ومن سواكن إلى الجنينة ولن ينتظروا أن يشربوا معهن الجبنة مثلما تمنى الهالك جون قرنق بل يقتلون أطفالكم ويشردون أسركم ويطلبون منكم أن تذهبوا إلى ما يعتقدون أنه ديار أجدادكم في شعاب مكة أو في اليمن الجنوبية وسيقولون إن هذه الأندلس الثانية. ولهذا فلا بد من محاربة الطابور الخامس وصدهم وهزيمتهم وطردهم من الشمال كلهم والآن قبل الغد، ولابد من لطم العملاء والطابور الخامس على وجوههم وتصفيتهم وعزلهم من الحياة السياسية. كسرة:- عندما يعطي باقان وعرمان وسلفا كير الإشارة لكل الخلايا النائمة في السودان للتحرك.. فلا نستغرب إذا ما انفجرت مطاحن الدقيق في بحري وطلمبات البنزين في كل العاصمة ومصانع الزيوت والصابون والتعبئة.. ولا نستغرب عندما تنفجر المساجد والقباب ودُور العبادة ولا تستغربوا اذا انهارت الكباري على النيل الأزرق والأبيض وإذا انفجرت خطوط السكة الحديد وتم تفجير أبراج الكهرباء وانفجرت معها صهاريج المياه ومضخات التنقية والمواسير الناقلة.. ولا تنزعجوا إذا اشتعلت الناقلات والبصات والحافلات.. ولا تستغربوا إذا ما رأيتم النيران تشتعل حتى في الركشات ولا تستغربوا اذا ما رأيتهم الجنوبيون وهم يحملون «البلطات» والسيوف الحديدية والسكاكين والأسلحة النارية لإبادة سكان العاصمة في الخرطوم وأم درمان وبحري وعواصم الولايات مثلما حدث يوم الإثنين الاسود عند مقتل قرنق.. وحين يحدث ذلك في ساعة الصفر لن يحتاج الأمر إلى أكثر من نصف ساعة فقط حتى تعم الفوضى.. ويحدث كل هذا لأننا أهملنا في الخلايا النائمة وتركنا الأجانب من الحركة الشعبية يحومون بيننا ولم نتخذ التدابير اللازمة.. وعلى نفسها جنت براقش.. والتَّسوِّي بأيديك يغلِّب أجاويدك.