لو قُّدِّر لي أن أكون «عميلاً» للخواجات لا قدر الله ... ولو كنت في صفوف المعارضة المرتمية في أحضان الأجنبي لا قدر الله برضو ولو تصادف أنني كنت أحد منسوبي المخابرات الأمريكية حمانا وحماكم الله ولو كنت عميلاً لبني إسرائيل أو عميلاً لدولة الدينكا وزميلاً مع عرمان «بعيد عنكم»، لو كنت بعض هذا أو كل هذا، فإن التقارير التي سوف أرسلها لرئيس دائرة الاستخبارات المعني بالمنطقة «245» في تصنيفات الماسونية، كانت سوف تشتمل على معلومات أساسية تساعد رؤساء الدوائر في اتخاذ القرار المناسب تجاه القضايا السياسية بالسودان.. وكثيراً ما استغرب كيف أن عملاء الخواجات بالسودان لم يتمكنوا حتى الآن من توصيل المعلومات الأساسية التي كان يجب أن تُعرف بالضرورة. هذا علماً بأن بعض هؤلاء العملاء والاستخباريين قد انحشروا بين الناس زماناً ومنهم من تبوأ في المناصب التي مكث فيها زمناً ليس بالقصير وبلغ أقصى الدرجات.. ومن هذه المعلومات الأساسية التي سوف أرفعها والتي فاتت على فطنة عملاء الخواجات وأذنابهم ما يأتي: أولاً: أهل السودان «ناس مزاجات» ولا يقومون بالثورات او الانتفاضات إلا حينما «تظبط» معاهم.. ففي الوقت الذي كانت فيه الشعوب العربية لا تعرف الواو الضكر في السياسة والديمقراطية، كان أهل السودان يقومون بأول انتفاضة في العالم العربي والإفريقي في عام 1964م. وعندما هبت الشعوب العربية الآن قالوا لهم: إن هذا الفيلم دخلناهو زمان! وعلى الرغم من أن نظام عبود كان هادئ النبرة والإيقاع، وكان سلس القيادة وتوفرت له كل سُبل اقتصاد الوفرة وكل وسائل الإنتاج ومع ذلك وبدون مبررات منطقية «الناس ديل قاموا» وقالوا أصبح الصبح فلا السجن ولا السجان باق.. هذا علماً بأن انقلاب عبود نفسه أصلاً كان عبارة عن تسليم وتسلُّم من حزب الأمة للسلطة «نكاية» في الأحزاب الأخري.. والعساكر كنكشوا ورفضوا إرجاع الحكومة. ثانياً: الشعب السوداني عنده عقدة نفسية اسمها «الأجنبي» ومنذ زمن «الحمرة الأباها المهدي» فإن الناس ديل لا يقبلون تدخل الأجانب أياً كانوا.. ثم أنهم يحتقرون كل من يقع في أحضان الأجانب أو يكون عميلاً لهم ويعتبرونه مثل «الديوث»، والديوث هو من يقبل السوء بأهله.. ولهذا فإن الجماعة ديل يمكن أن يتحركوا أفراداً وجماعات ضد الحكومات المدنية والعسكرية، ولكن يتحولون مائة وثمانين درجة إذا علموا أن هناك إيادي أجنبية.. ولهذا فإن الخواجات وأذنابهم يخطئون كثيراً عندما يعتقدون أنهم يمكن أن يسقطوا نظام الحكم في السودان بالتعاون مع العملاء والمرتزقة. ثالثاً: «ناس السودان ديل» رأسهم قوي جداً، ويمكن أن يقفوا ضد الحكومة ألف أحمر ويلعنوا سنسفيل أبو الحكومة.. ولكن إذا قام خواجة مثل أوكامبو وأطلق أحكامه وأوامره الزائفة أو أي خواجة أبيض أو أسود، فإنهم يتحولون إلى مساندين ومؤيدين للحكومة.. ولهذا فإن واقع الحال يقو بازدياد معدلات المؤيدين للحكومة مع كل قرار جديد تصدره المحكمة الجنائية.. وبالطبع تظل الحكومة تتطلع كل يوم لقرار جديد وتنبسط أربعة وعشرين قيراطاً.. وهؤلاء الناس عندهم أمثال وحكاوي يؤمنون بها مثل قولهم «أنا وأخي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب». ومن المؤكد أن الخواجة غريب وسلفا كير غريب وباقان غريب وعرمان غريب جداً. رابعاً: كثيراً ما يجد العملاء أنفسهم مجبورين على الانحناء والسكوت على «الجلطات» و«المفارقات» التي يحدثها الخواجات ولا يجدون غير أن يؤيدوا الحكومة أو يحنوا رؤوسهم للعاصفة الحكومة ويعلنوا ذلك على الملأ حتى لا يفقدوا قواعدهم.. وهذا ما يجعل المعارضة غير مستقرة في رؤاها ومتأرجحة في خطواتها ومنهكة أمام مؤيديها.. إذا ما كانت متورطة وغارقة في العمالة مع الفرنجة وبني صهيون، أو مجرورة في «ترلة» الجنوبيين الأجانب. خامساً: هؤلاء الناس أي ناس الحكومة والإسلاميين عموماً لديهم مثل يقول «إذا رضيت عنك أمريكا فأنت في الطريق الخطأ»، ولهذا فليس من المتوقع أن تتسق خطاهم مع السياسات الأمريكية بصفة خاصة.. وكلما ضغطت عليهم أمريكا أيقنوا أنهم في الطريق «الصاح». وكان الشعب حليفاً لهم وبعيداً عن المعارضة العميلة. سادساً: هؤلاء القوم لديهم أغنية حماسية تكاد تكون حكمة يؤمنون بها، وهذه الأغذية مثل نشيد قومي يقول: «نتباشر وقت نلقي الكلام حرَّ» وتجدهم يعرضون وينقزون كلهم «بدون فرز» ويختلط الحابل عندهم بالنابل والحكومة بالمعارضة والجيش بالشعب والوزير بالخفير.. وهذا ما يجعلهم يقولون «وروني العدو واقعدوا فرَّاجة». انتهى التقرير.. من عميلكم المخلص جداً.. وبهذه المناسبة نفيدكم بأن المائة وثلاثين ألف دولار التي جاء يحملها المندوب في «الشنطة» وجدنا أنها ناقصة عشرة آلاف دولار، وفيها عشرون ألف دولار مزيفة، ولا نستبعد أن «زولكم» هو الذي أخذ الدولارات «الكويسة» وحشر لينا الدولارات البايظة.. ولهذا اضطررنا أن نرميها في البرميل بتاع الوسخ بتاع سعد قشرة وقد وجدها الأولاد «الشماشة» وجاءت أخبارها في الجرايد.. عليه نرجو منكم استبدالها بدولارات نظيفة أخرى وإرسالها مع زول تاني، لأن الزول ده قاعد «يخمش» من الشنطة براهو. وبهذا نفيدكم بأن تاجر الدولارات قد اشترى مكنة جديدة لكشف الدولارالمزور. كسرة: نفهم أن الحريات الأربع سوف تتيح فرصة للخلايا النائمة ولجيش الجنوبيين بأن يتحركوا في السودان بكل المرونة والسلاسة.. ولكن في تقديرنا أن الحريات الأربع سوف ينفذها أهل السودان من الجلابة والمندكورو.. وعليه مطلوب منك أيها المندكورو أن تدلل على وعيك الأمني فلا تأوي أجنبياً ولا تساعد على إيوائه ولا تؤجر للأجنبي ولا تقم بتشغيل الأجانب، فربما كانوا خلايا نائمة أو صاحية.. وعليك إبلاغ الجهات الأمنية بأي تحرك مريب أو غريب.