مبارك زروق أول وزير خارجية للسودان.. وقف أمام البرلمان وقدم بياناً عن إنشاء الوزارة الحديثة التي فرضتها مسؤوليات السيادة وأعباؤها .. مشيراً إلى أنه في المرحلة الأولى يتم اختيار الدبلوماسيين لاعتبارات عديدة تبدأ بالمظهر العام ثم الأهلية والخبرة والمعرفة العامة.. والمرحلة الثانية تكوين لجنة من الخارجية والخدمة العامة والجامعة وطبيب (علم نفس) لإجراء المعاينة للناجحين في الإمتحان الخاص بالالتحاق بالخارجية. وسوف يكون هؤلاء هم الكوادر الدبلوماسية الحديثة للوزارة الفتية لأنهم أرادوا الاستوثاق والدقة في اختيار من يمثلون السودان ويتحدثون باسمه في الخارج.. ويريدون أن تكون وزارة السيادة عنواناً للمقدرة السودانية وكفاءاتها.. ذلك ما نرجو الإصرار عليه مع امتداد الزمن، على الأخص وبلادنا تملك رصيداً رائعاً من التجربة والخبرة الدبلوماسية هي زاد الأجيال الجديدة في زمان تعقدت فيه القضايا وتداخلت مما يضع على عاتق الدبلوماسي مزيداً من الهموم والمسؤوليات. أيضاً من منّا لا يعرف (محمد أحمد المحجوب) الذي وقف مسانداً باسم السودان لنضال الشعوب في كل بلد في الحرية والسيادة، وتبنى ثورة الجزائر في الكفاح.. وأصبح الناطق الرسمي باسم الوفود العربية .. والقي خطابه التاريخي مستخدماً لغة القانون الدولي بإدانته دول العدوان الثلاثي.. فلم يكن يتصور وقتها أن هذا العملاق الأسمر بمقدوره أن يشد وفود الأممالمتحدة إليه ويقنعها بالمنطق والدبلوماسية.. فالتقاليد والقيم السودانية تكاد تكون الدبلوماسية بعينها ولذلك أحسنوا التصرف واتخاذ الموقف الصحيح دون عناء، ودون وضع تقارير أو مذكرات أو تقديرات مسبقة. وقد سار على هذا النهج سيادة الوزير سابقاً د. مصطفى عثمان إسماعيل .. فبدبلوماسيته المعهودة استطاع أن يحسن علاقات السودان مع الدول العربية والإسلامية كافة وساعد بصدق حتى في فض نزاعات السودان وخصوماته المتعددة مع الدول كافة.. لأن التقاليد السودانية جعلت المسئولين في السودان يحسنون التصرف عند كل موقف واستخدام الصيغة التلقائية والصحيحة سواء كانوا على مستوى وزراء أو سفراء أو حتى نواب قناصل. فالسؤال يا سيادة الوزير: كيف يستوعب هذا الجيل الذي يفتقر للدبلوماسية والخبرة هذا النوع من النماذج ويتعلم منها ويستفيد من إيحاءاتها ويتصرف على ضوئها على أساس أن العمل الدبلوماسي أحد أساسياته(الكبرياء الوطني) الذي لا يقبل تسامحاً ولا استرخاءً.. ولن أزيد.