كنا نظن وما زلنا بل ونؤكد نحن فئة المغتربين أننا جزء لا يتجزأ من وطننا الأم السودان، نتفاعل بقوة مع كل ما يجري على أرضه؛ إن كان فرحًا فرحنا وإن كان حزنًا بكينا بدموع الغربة التي لا تساويها دموع، ذلك أن الوطن يعيش في دواخلنا وبين أضلعنا ونعيش فيه بكل جوارحنا رغمًا عن بعدنا عنه المسافات الطويلة، لا ننساه ولا يغيب عنا لحظة، ووقفنا وسنقف معه في كل المحن والابتلاءات التي تلم به، وتذكرنا جيدًا نحن المغتربين كوارث السيول والأمطار والفيضانات، فكنا في «مهاجرنا» كلما ألمّت بالوطن العزيز هذه الابتلاءات نتسابق زرافات ووحدانًا إلى مقار سفاراتنا بالخارج وننشئ جمعيات الإغاثات العاجلة العينية منها والمادية، وتصلنا وفود الحكومة في مهاجرنا بالخارج لتأخذ ما جمعنا من إعانات ونعود بها لإغاثة أهلنا المنكوبين في السودان وندفعه لهم عن طيب خاطر، ومن هنا نوجه لوماً غليظاً إلى المسؤولين بالحكومة من أعلاها إلى أدناها ونقول لهم: ماذا فعلتم لهذه الفئة المنسية في بلاد المهجر والتي تتذكرونها جيدًا كلما ألمت بكم الكوارث والمحن واللوم كله نوجهه «لكفيلنا» بالسودان - الأمين العام لجهاز المغتربين المنسيين بالخارج ونقول له: عندما تم اختياركم لقيادة هذا الجهاز استبشرنا بك خيرًا لأنك كنت واحدًا منا، رغمًا عن أنك تختلف عن الغالبية العظمى منا هنا في بلاد المهجر، فقد كنت في وضع مميز ولم تعانِ القليل مما عاناه ويعانيه المغتربون في الغربة، كنا نظن أنك ستكون المتحدث الرسمي بكل قضايانا أمام الدولة وتقول لهم إن أبسط ما يشغل المغترب في بلاد الغربة هو «منزل» بسيط يأويه هو وأسرته عند عودتهم للسودان يتم بناؤه كاملاً ويسلم له ويتم سداده على أقساط و«بالعملة الصعبة» رغمًا عن أنه قد يكون قد دفع ثمنه أضعافًا مضاعفة من ضرائب ومساهمة وطنية ودفاع شعبي وقناة فضائية وإعانات كوارث ورسوم ما أنزل الله بها من سلطان!! وما يحز في نفوسنا الآن ونوجه «كلامنا» للسيد وزير الداخلية: ألم تعترف الدولة حتى الآن بأن هؤلاء المغتربين هم أيضًا جزءٌ من التركيبة السكانية في السودان ويحق لهم ما يحق لمن هم بالداخل فلماذا كلما أرادت الدولة منح مواطنيها ميزة تفضيلية في أي شيء، كان المغتربون «نسيًا منسيًا» أو تتذكرهم في آخر المطاف!! فلماذا يا وزير الداخلية لم يتم أي شيء حتى الآن بخصوص السجل المدني والرقم الوطني للمغتربين؟ ونحن هنا نعرف مدى أهمية السجل المدني للمواطن، فمن ليس له سجل مدني أو رقم وطني فسيفقد حقه في كل ما يخصه بالسودان وقد ترمي العذر على جهات أخرى ذات صلة ولكن لن نعذرك ولن نعذرهم!! ولكم نقول وللمسؤولين بالدولة: تذكروا أن الله سيسألكم يومًا عن هذه الفئة المنسية في بلاد المهجر لأنهم أيضًا جزء من رعاياكم !! فاتقوا الله فينا ولا تكونوا «أخّاذين» فقط وتذكروا أن السودان هو الدولة الوحيدة في العالم التي تتعامل مع مغتربيها خلافًا عن كل مغتربي العالم فلا حوافز تُمنح لهم ولا أي تشجيع يجعلهم يتسابقون لتحويل مدخراتهم للداخل.. وإن أرادت الدولة جمع «دولاراتهم» جمعتها بالقوة و«سنَّت» لها من الإجراءات والقوانين ما يجعل المغترب يدفع الضريبة والمساهمة و... و... و... «إيدو فوق رقبتو» لأنه إن لم يدفع لن يُجدد جوازه وبالتالي لن تُجدد إقامته في بلاد المهجر!! والله من وراء القصد..