ربما يعتقد البعض أن الدولار سوف ينخفض سعرُه أو قد ينهار فقط لأننا توصلنا إلى تفاهم مع الجنوبيين أو ربما يقع في الأرض مادام أننا قد أعطيناهم الحريات الأربعة.. وبالطبع فإن النظريات الاقتصادية كلها منذ عهد المنظِّر الاقتصادي «كينز» وآدم إسميث وحتى الشيوعي كارل ماركس وصولاً إلى عبدالرحيم حمدي في السودان تقول بأن الأسعار تنخفض بزيادة الإنتاج وزيادة المعروض من السلع «وبس»... ويكون من الخطأ جداً أن يحاول البعض إفهامنا أن الحريات الأربعة للجنوبيين سوف تؤدي إلى انهيار الدولار وزيادة حجم الصادر وذلك للأسباب الآتية: يقوم فهم الحركة الشعبية على أساس إنشاء دولة اسمها السودان الجديد يرأسها زول غير مسلم ولا يتحدث العربية وقد يشير بذلك إلى كل كهنة الحركة الشعبية وعرابها جون قرنق ومن دار حوله من أولاد الشمال.. وحتى بعد أن «حرروا» و«استقلوا» بدولتهم ما زالوا يصرون على «تحرير السودان».. وهذا الأمر يقتضي بالطبع وجود «بروتوكول» سياسي واقتصادي يحركهم وتلقوا التدريب لإنفاذه في كوبا وأمريكا وألمانيا وفرنسا وإسرائيل ودربتهم عليه شركات بلاك ووتر الأمنية. ولهذا فإن حرية التملك تقوم على أساس أن توفر لهم الصهيونية ودول الغرب أموالاً يستطيعون بها أن يمتلكوا العقارات والصناعات وأدوات الإنتاج ويتوسعوا فيها شيئاً فشيئاً... وقد يؤسسون أسواقاً يعطونها أسماء ونعوتاً من ثقافتهم «سوق نيفاشا» مثلاً... ثم إنهم قد يشترون الأراضي والمساكن في المدن والقرى ويعطونها أسماءهم ليدّعوا ملكيتها عندما يحين وقت ذلك مثلاً (لفة جوبا) سوق أنقولا مربوع رمبيك وعلى طريقة الاستيطان الإسرائيلى يتوغلون عبر الشراء والامتلاك ويحدث لنا مثل ما حدث للفلسطينيين الذين اشترى الإسرائيليون أراضيهم.. ونساعدهم نحن بتوفير الأموال عن طريق تصدير البترول وتوفير حاجياتهم. وحرية التملك قد تجعلهم يمتلكون وسائل الإنتاج ومعدات وآليات الحركة مثل المخابز والمطاعم ومحطات الوقود وسيارات النقل ويتم تنفيذ برنامج مرسوم في البروتوكول الصهيوني للاستيلاء على عواصمنا بالتدريج.. والسيطرة علينا عبر حاجتنا الضرورية لمعينات الحياة. أما حرية البيع والشراء فهي بالضرورة سوف ترفع أسعار الدولار خاصة وأنه منذ الآن وحتى قبل تفعيل الحريات الأربع ارتفعت أسعار السلع الغذائية مثل الدقيق والعدس والبصل وهذا يعني أن هنالك تضخماً سوف يؤدي إلى أن تصل قيمة الدولار إلى أسعار خرافية. وزيادة أعداد الجنوبيين تعني بالضرورة الزيادة في معدلات الطلب على السلع والأغذية وهذا بدوره يؤدي إلى ارتفاع أسعارها وإلى استيراد المزيد منها.. ويؤدي بالتالي إلى ارتفاع الدولار.. والأهم من كل ذلك أن الطاقات والكوادر القادمة من الجنوب «مجدداً» أو المقيمة أصلاً و«ماعايزة تمشي» تعتبر طاقات غير منتجة إلا في الأعمال الهامشية وهو عبء إضافي على اقتصادنا وكان الأجدر ترك «خاناتهم» الشاغرة لأولادنا.. على كل حال يجب ألا نتوهم أن الدولار سينخفض لمجرد أننا سوف نستدعي اربعة ملايين جنوبي جديد ومازلنا نعاني من أربعة ملايين جنوبي مقيم كنا حتى الأمس نطالب بترحيلهم. كسرة: المقولة التي تقول إن الجنوبيين يشجعون الهلال والمريخ ويستمتعون بالفنان وردي ولهذا «لازم» نعطيهم الحريات الأربعة.. يقابلها من الناحية الثانية أننا في السودان نشجع مانشستر يونايتد الإنجليزي و ليڤربول الإنجليزي ونستمتع بالفنان البريطاني إلتون جون فهل «ياربي» يمكن أن يوافق البريطانيون على منحنا الحريات الأربعة أو حتى حرية واحدة بس في الشهر بدلاً من الحريات «الأربعين النووية»؟... وإذا كنا في السودان نشجع فريق نيس الفرنسي وفريق السوربون الفرنسي برضو ونستمتع بالمطرب الفرنسي سيلنديون فهل «ياربي» يوافق الفرنسيون على منحنا الجنسية أو المواطنة الفرنسية ولو ليوم واحد في السنة.. وأخيراً إذا عُلم أننا في السودان نشجع فريق لوس انجلس لكرة القدم الأمريكي ونشجع فريق واشنطون دي سي ونموت موت الضان في الفنان مايكل جاكسون ونعشق حتى الثمالة مقدمة البرامج أوبرا فهل نطمع في أن يوافق الأمريكان على أن يعطونا حرية واحدة لمدة ساعة واحدة في كل مائة عام؟!