المستثمر الشمالي في ظل الحريات الأربع سيكون غير محظوظ وإن تمكَّن من الإقامة في الجنوب فهو لا يجد الأمان وإن اشترى المنزل والمصنع والمتجر، في حين أن نظيره الجنوبي في الشمال يرفل في نعيم الأمان والطمأنينة والتملك غير المحدود وربما غير المشروط لا تواجهه عصابات تعتدي عليه في جنح الظلام ولا تختطفه وتحبسه في غياهب المعتقلات ولا تحرق متاجره ولا يُجبر على الترجل من سيارته ولا تُسلب أمواله ولا يُسحل في الأسواق دون أن يُقبض على المعتدين. وبالفعل فدولة الجنوب الجديدة محظوظة لأن رعاياها في الشمال أصحاب الحظوظ الأربعة ستتضاعف أعدادهم في العقود القليلة القادمة في ظل اختلاف العادات الاجتماعية في الزواج واندياح رياح الفقر وتحديات العصر السلبية على الصعيد الاجتماعي في الشمال. نعم إنها دولة محظوظة لأن رعاياها يتمتعون بخيرات دولتين وربما ورثوا تلك الدولة المضيفة إما بفعل التحولات الديمغرافية الحتمية أو بفعل التغول الأجنبي المساند لهم وهم يعيشون في ظلالها لا يحتاجون إلى التسلل آنذاك فهم في قلب الميدان جزء من أرضه وسكانه وحدوده ،«ومافيش حظ أكثر من كده ولا رايكم شنو؟ تبرؤ أم محاسبة قال د. معتصم عبد الرحيم رئيس اللجنة التحضرية إن الحركة الإسلامية سعيدة لأنها بريئة من أي ظلم حاق بأي مواطن سوداني، وأشار إلى أن هناك بعض الممارسات التي وصفها بالوحشية تقع بين الإخوان داخل الحركة الإسلامية والمؤتمر الوطني وطالبهما بتطبيق الشريعة الإسلامية وتحكيم شرع الله لكن إذا كانت هناك ممارسات وحشية كما ذكرها بين الإخوان داخل الحركة والمؤتمر الوطني فمن الأدعى أن تكون قد وقع أضعافها للآخرين خارج منظومة التنظيمين إذن فإن التبرؤ لن يكون كافياً ما لم تكن هناك محاسبة ومراجعة لكل التجاوزات التي حدثت خاصة في فترة التمكين الأولى. وهل يكفي رد الأموال؟ كشف د. الفاتح عز الدين رئيس لجنة العمل والإدارة والمظالم العامة بالبرلمان عن قضايا المال العام المحالة للجنة في الفترة من سبتمر إلى الرابع من يونيو 2012 وأشار إلى أنه تم الحكم فيها بالسجن، وأشار إلى حالات تحلل من المال العام تم فيها استرداد مبالغ من بعض الوحدات الحكومية بلغت «469» ألفًا.. نحسب أن إجراء تعديل في قانون الثراء الحرام يبدو ملحاً، فقضايا التحلل ينبغي أن يفصل فيها القضاء وفق البينات الظرفية المتاحة بدلاً من البتّ فيها بواسطة النيابة وذلك حتى تتم الإدانة وفق القانون الجنائي، فنظر هذه القضايا أمام المحاكم يشكل ضغطاً على المخالفين ومن ثم يمكن الوصول إلى بينات معقولة للإدانة واسترداد المبالغ المنهوبة، وفي العهد المايوي كانت قضايا المال العام تفصل فيها المحاكم مباشرة.