تكرر الحديث عن محاربة الفساد والمفسدين والمتلاعبين بالمال العام وتصدر حديث كبار المسؤولين وملاحقتهم للغول الذى يتلاعب بأموال الشعب مينشتات الصحف، وتحرك وزير العدل محمد بشارة دوسة اكثر من مره من اجل تفعيل الملفات ومحاسبة المفسدين ووجه النيابات ذات الصلة بمتابعة وملاحقة القضايا المفتوحة الا ان ذلك لم يحدث اثراً واضحاً ولم يتم الاعلان عن نتائج المحاكمات وسير اجراءاتها ومازالت الرؤية معتمة فى هذه الملفات الحساسة وتقريرالمراجع العام فى كل سنة يأتى بعدد من حالات الفساد المتنوعة. بالا مس أعلن وزير العدل، نيته إعادة فتح ملفات الاعتداء على المال العام للعشر سنوات الماضية ومراجعتها مع نيابات الأموال العامة لمعرفة مصير هذه البلاغات وحجم ما تم استرداده من مال، وتفعيل قرار وكيل النيابة المناوب، وقال دوسة فى تصريحاته لبرنامج المحطة الوسطى لقناة الشروق « نحن لن نسقط القطاع الخاص في قضايا الثراء الحرام والمشبوه، وهو سيف مشهور على كل من يفكر في الاعتداء على المال العام»، وتحدث ايضاً عن قرارات مشروع إقرار الذمة للمسؤولين بالدولة، وقال إن إقرار الذمة ملزم للدستوريين والموظفين في الدرجة الأولى?والرتب العليا في القوات النظامية، ويشمل زوجاتهم وأبناءهم القصر، وأقر فى الوقت ذاته بأن عدد النيابات الموجودة بالسودان أقل من المطلوب، لكنه قال إن النيابات الموجودة حالياً تعمل بكفاءة، ودورها يقتصر على القيام بإجراءات ما قبل المحاكمة بدءاً بفتح البلاغات، بجانب أنها تمثل الادعاء في القضايا العامة. وبحسب مراقبين فان وزير العدل يبدو جاداً فى محاربة الفساد من خلال قراراته المتلاحقة فى هذا الشأن مشيرين الى قرارات اصدرها فى الفترة الماضية منها قرار بتشكيل لجنة لتنسيق الجهود للحفاظ على المال العام ومُكافحة التعدِّي عليه ومحاسبة المُعتدين، ومطالبته الدستوريين وكبار المسؤولين ملء استمارة إبراء الذمة بأمر المادة «75/1» من الدستور الانتقالي لسنة 2005م والمادة «9» من قانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه لعام 1989م محددا شهراً لتقديم الإقرارات تفادياً لتعريض الشخص الممتنع نفسه للمُساءلة القانونية وفقاً للمادة «?1» من قانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه لسنة 1989م. في المقابل يتحدث عدد من المراقبين عن ملفات فساد وقضايا عديدة تحتاج الى ارإدة حقيقية من قبل الجهات المختصة وأشاروا الى تقارير المراجع العام الرسمية خلال العشر سنوات الماضية وقالوا بأنها كفيلة بفتح العديد من الملفات التى ماتت سريرياً وعلى وزير العدل مراجعتها فى ظل حملته لمحاربة الفساد. وهنا يمكن الإشارة الى ان تقرير المراجع العام لولاية الخرطوم، عبد المنعم عبد السيد حسين ابو دقن، للعام 2010 الذى قدمه لمجلس تشريعى الولاية واوضح فيه أن حجم الاعتداء على المال العام بالولاية بلغ في العام «3.947.212» جنيها، بزياده قدرها «3.467.409» جنيهات عن العام السابق بزيادة «16» حالة تمت محاكمة حالة واحدة وتبقت ثلاث منها امام المحكمة، وما زال هناك «12» اتهاماً امام النيابة، وقد اثبت التحليل النوعي لإجمالي مبلغ الاعتداء على المال العام الذي بلغ «138.649» جنيها، خيانة أمانة بنسبة 4%، و»3.808.563» جنيها تز?ير بنسبة 96% من جملة المبلغ المعتدى عليه. ومنذ أن صدر تقرير المراجع العام فى اوائل فبراير من عام 2010م، ظل الجميع يترقب تحريك الملف واسترداد المبالغ التي تم الاعتداء عليها دون وجه حق من اموال المواطنين التي يجب أن تعود عليهم فى شكل خدمات، وتنعكس على حياتهم لتخفيف واقع المعاناة والفقر، وبعد انتظار اكثر من «12» شهراً وبإيقاع سلحفائى أصدرت لجنة الشؤون القانونية برئاسة مريم جسور ولجنة الشؤون المالية والتنمية الاقتصادية برئاسة احمد دولة بالمجلس التشريعى لولاية الخرطوم تقريراً «مشتركاً» عن حالات الاعتداء على المال العام الذى ورد فى العام السابق لكشف تجا?زات العام المالى الأسبق، اكدوا فيه وجود حالات الفساد واوضحوا انه يوجد فى الموقف العدلى «16» حالة امام النيابة، و»3» امام المحاكم، و»4» تمت محاكمتها، وشطب واحدة من جملة «24» قضية، وأن المبالغ التى تم استرجاعها من الاعتداء على المال العام حسب توزيع المراجع بلغت «150.638» جنيها بنسبة 12% من المال المعتدى عليه من مال الميزانية، وبالرجوع الى الوحدات التى وقع منها الاعتداء على المال العام، يظهر التقرير أن خيانة الأمانة كانت «61.428» جنيها. وفى حديثه ل «الصحافة» قال المحلل السياسى صديق تاور ان الحديث عن الفساد كثر فى الفترة الاخيرة واتهم الحكومة بالتساهل فى محاربته واشار الى حديث زعيم الحركة الإسلامية الترابى قبل المفاصلة والذى قال فيه ان الفساد تمدد فى كوادر الحركة الإسلامية الا من رحم ربى، وتابع ان الرئيس البشير صرح فى العام 2003 بان مايقال عن الفساد مجرد إدعاءات يسمع عنها فى الصحف الا انه عاد بعد سبع سنوات واعلن فى لقائه بالشباب والطلاب انشاء مفوضية لمحاربة الفساد والثراء الحرام، وقال تاور ان المؤتمر الوطنى بشكل عام يتعامل مع قضايا الفساد?بفقة «السترة» ولكن من حق الشعب ان يعرف اين مواطن الفساد ومن الذى اعتدى على حقوقه وسلبها، ومن حقه ايضاً ان يعرف كيف يستردها ويطلع على الحقائق وسير القضايا فى المحاكم، واضاف ربما يكون وزير العدل صادقا فى نواياه لكنه اشبه بشمعة فى مهب الريح مواجهة بالعديد من التحديات والمتاريس على الرغم من ان تقارير المراجع العام تقر بالعديد من حالات الفساد، وقال: طيلة العشرين سنة الماضية لم نسمع بشخص تمت محاكمته فى إعتدائه على المال العام ولم يعلن ذلك فى وسائل الإعلام. وفى حديثه ل «الصحافة» قال المحلل الاقتصادى الدكتور محمد النائر، اعمالاً بمبدأ الشفافية فإن اعلان وزير العدل لمحاربة الفساد لعشر سنوات مضت من اجل إسترداد المال العام يعد ظاهره صحية وخطوة فى الاتجاه الصحيح، تجعل من تقرير المراجع العام ذا مكانة وفائدة، وانه من غير المنطقى ان يعمل ديوان المراجع العام فى تقارير لفترة طويلة وجهود وتقص ومراجعة ويذهب كل ذلك ادراج الرياح دون ان تتم محاسبة المفسدين، وقال نتمنى ان يكون حديث وزير العدل هذه المره بالجدية المطلوبة لفتح كل الملفات ومعالجة القضايا لعشر سنوات لأن ذلك ربما?يساعد ويحل مشكلة الضائقة المالية فى البلاد، وتساءل الناير عن كيفية الحصول على تقارير المراجع العام ونوه الى انه حسابياً يمكن مراجعة التقارير ل «5» سنوات لان «الدوسيهات» على حسب قوله تجدد كل خمسة اعوام وتحتاج الى اعادة النظر وتساءل ايضاً هل ستعتمد الجهات المختصة على تقريرالمراجع العام وحده ام على بينات اخرى.؟ الصحافة