لم تكن هذه المرة هي الأولى التي سافرت فيها إلى جنيف.. فقد سافرت لأول مرة قبل عدة سنوات لإنشاء منظمة الشارة الدولية للصحفيين هناك حتى نحصل على الصفة الاستشارية وتمكنا من ذلك بمشاركة دول عربية أخرى بصفات شخصية، وكانت السفرة الأخيرة هي الثانية ضمن وفد المجموعة الوطنية لحقوق الإنسان التي قامت بنشاط واسع في أروقة مجلس حقوق الإنسان وواجهت كل المؤامرات التي تحاك ضد بلادنا بقوة الحجة والأدلة ودحضت بفضل حسن تنظيمها وتوزيع أدوارها وتنوع فقرات المشاركة جميع ما تعرض له تقرير الخبير المستقل وتدابير دول الاتحاد الأوروبي ضد بلادنا.. فكانت هناك ندوة مرتبة ومعدة جيداً ومؤقتة توقيتاً جيداً انعقدت في إحدى قاعات مباني الأممالمتحدة بحضور مقدر تحدث فيها البروفيسور إبراهيم غندور بترتيب وتدرج حول علاقات دولتي السودان منذ آلاف السنين وإلى اتفاقية السلام الشامل وتحقيق السلام وإيقاف نزيف الحرب وقطع الطريق أمام المتاجرين بقضية الجنوب من القوى المحلية والإقليمية الدولية التي عطلت مسيرة التنمية والسلام والاستقرار في بلادنا لعقود وقرون.. وتحدث الدكتور حسين كرسوم وهو قانوني يتمتع بهدوء ورزانة وترتيب في حديثه وتناول جانب الاتفاق الثلاثي الذي بموجبه يتم إمداد أو إيصال الإعانة والإغاثه للمعنيين بها في جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق.. وشاركت أنا بفقرة تتصل بحرية التعبير في السودان من خلال استعراض المواد الخاصة بحرية التعبير والقوانين التي صدرت بموجب ذلك.. ودرجات حرية الصحافة في السودان. عقب إلقاء الخبير المستقل لخطابه وعقدت الجلسة العامة كانت مداخلة الوفد الرسمي السوداني بخطاب رزين ومتوازن وتعليق على عدد من فقرات التقرير الذي تناسى أولاً المهمة الأساسية للخبير والقاضية بتقديم الدعم الفني للسودان الدولة والمنظمات الحقوقية العاملة، العامة والخاصة حتى تقوم بعملها على الوجه الأكمل.. فقد أوفى السودان بالمطلوبات والملاحظات التي وردت في التقارير السابقة حيث أُنشئت المفوضية القومية لحقوق الإنسان، إلى جانب المجلس الاستشاري التابع لوزارة العدل، بجانب المنظمات غير الحكومية والوطنية، حيث اشتمل التقرير على فقرات جرى التركيز عليها في مداخلات الدول جميعاً وهي أنه لم يمكن أو يتمكن من زيارة دارفور وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان سواء مُنع أو امتنع بجانب تعلله بأنه قضى وقتاً وجيزاً لم يتعدَّ الستة أشهر هي المدة منذ تعيينه بداية العام «2012م».. وهذا دفع بالمستهدفين لبلادنا مثل مركز القاهرة لحقوق الإنسان ومركز الخرطوم لحقوق الإنسان.. والهائمين على وجوههم من أعداء السودان من بعض الخارجين على القوانين والمرتمين في أحضان القوى الصهيونية والاستعمارية.. فكان واضحاً تأثير هؤلاء على مواقف دول الاتحاد الأوروبي بلا استثناء.. فجميع ممثلي دول الاتحاد والاتحاد نفسه كان معادياً للسودان ومركزاً على منع حكومة السودان من وصول الإغاثة للمتضررين من الحرب وفي دارفور بلسان واحد وحماس دافق ومطالبة بإعادته إلى البند الرابع.. غير أن مواقف الدول العربية جميعها كانت مناصرة للسودان مؤيدة للخطوات التي اتخذتها الحكومة السودانية خاصة الاتفاق الثلاثي الذي جرى التوقيع عليه في تلك الفترة لتوصيل الإغاثة بشروط معلومة بحيث لا نقع في الخطأ الإستراتيجي الذي وقعنا فيه في دارفور مما أدى إلى إطالة أمد الحرب وقيام بعض المنظمات بأعمال استخبارية وكتابة تقارير كاذبة وسرقة أطفال دارفور من قبل بعض المنظمات وعلى رأسها لارش دوزوي الفرنسية وغيرها.. وحتى الآن لا أحد يعلم كم من أطفالنا تم اختطافه ونقله إلى فرنسا لتعديلهم وتحويل دياناتهم وغرس روح الكراهية والإرهاب في نفوسهم ليعودوا بعد حين مثل بعض العناصر الجنوبية التي تكنُّ لنا كل الحقد الدفين والكراهية والعنصرية البغيضة.. إن على حكومتنا أن تتعامل مع الخبير المستقل بما لا يقلل من هيبتنا وسيادتنا وتمكينه من الوقوف على الحقائق في حدود مهمته المكلف بها ومن خلال هذه المشاركة وقفت على حقائق لا بد من ذكرها هنا لأهميتها: أولاً البعثة السودانية بجنيف بعثة شابة ومتحركة وفعالة ويجب دعمها وتشجيعها، ثانياً أرى ضرورة إنشاء ملحقية إعلامية في هذه البعثة المهمة التي تقيم في أكثر مكان تدبر فيه المؤامرات علينا وعلى دول العالم الثالث، ويتبين هذا من ضعف الإعلام حول هذا العمل الموسمي بالرغم من الجهود العظيمة التي تُبذل دفاعاً عن السودان إذ لا يمكن أن يعتمد الناس على استئجار من يقوم بالإعلام للبعثة الرسمية ومنظمات المجتمع المدني وتغطية الأنشطة والمداولات.. بالرغم من أن وزارة الخارجية أوفدت اثنين من الصحفيين الشباب ولكن كان وصولهما متأخراً جداً ولم يحضرا سوى جلسة اتخاذ القرار ورغم ذلك كان لحاقهما مفيداً وإيجابياً.. ومعلوم أن كل هذا العمل في النهاية عمل إعلامي ضاغط.. ويجب على الدبلوماسية السودانية العمل مع بعثة الاتحاد الأوروبي بالسودان لتعديل الصورة السيئة التي ظهرت بها دول الاتحاد الأوروبي جمعاء في عداء غير موضوعي وبحسابات غير دقيقة ضد السودان في جلسة النقاش العام ومداخلات دول العالم.. وكانت مواقف العرب والأفارقة والمؤتمر الإسلامي وبعض الدول الآسيوية جيدة مقارنة بمواقف دول الاتحاد السوفيتي السابق.