في عصرنا هذا أصبح الحب الخالص مجرد لحظات لا نعرف متى تأتى ولا نعرف متى تنتهي.. لا نستطيع أن نرتب لمجيئها.. ولا أن نرتب لاستعادتها.. وعندما تأتى هذه اللحظات يتصور فيها الرجل والمرأة أنهما يملكان العالم يضعان لنفسيهما لغة خاصة يجنيان بهما أحلامهما ويسبحان على أمواجها في سعادة ونشوة.. وفى هذه اللحظات يشعر الإنسان أن عروقه امتلأت بالحياة وأنه أمتلك كل شيء.. القوة والتفاؤل والجمال.. وفجأة يتسرب كل شيء من بين الأصابع كمن يحاول تثبيت الزمن وتجميد الصورة. هذه المقدمة اليسيرة أحسبها مهمة لموضوع الشجار والغضب.. فلا تخلو حياة زوجية من لحظات غضب.. ومن ينفي وجود هذه اللحظات لا يجرؤ في الواقع على الاعتراف بالحقيقة، فالخلافات جزء من الحياة الزوجية وليست علامة خطر إذا لم تقترن بالعنف.. ولكن إذا اقترن القول بالفعل حينئذ يبقى أن يدق ناقوس الخطر.. ليس الزوجان وحدهما في مشكلة.. فالأبناء طرف ثالث يتأثر ويعاني وتنعكس عليه الأحداث حاضرًا ومستقبلاً بصورة تهدد استقراره النفسي وتقلل من فرص سعادته. ولكي نحمى الأبناء مما قد يصيبهم من أذى المشاجرات المتلاحقة الطاحنة والمستورة بين الزوجين فإنه يجب على الآباء أن يدركوا أن أصل المشكلة يضيع ويتوه بعد معركة حامية يعلو فيها الصراخ أو تتشابك فيها الايادى وهذا لن يعنى أن الشجار لن يتكرر وحول نفس المشكلة فالغضب الذي لا تعالج أسبابه والذي لا يستطير عليه الزوجان بالتفاهم أولاً بأول من شأنه أن يشتعل بين الحين والآخر وأن يُحدث أضرارًا من شأنها تهديد نفوس الصغار وأمنهم.. لذلك من الضروري أن يتنبه الزوجان وفى وقت مبكر إلى أهمية التفاهم في مواجهة المشكلات مهما بلغت من التعقيد بدلاً من القفز بسرعة وتبادل الشتائم أو الصفعات. ليخلو كل إلى نفسه ويتساءل لماذا الشجار العنيف ولماذا الغضب السريع.. وأعتقد أنه سيجد جوابًا من شأنه أن يهديه إلى مفتاح المشكلة فينطفئ سعير الغضب ويحل مكانه التفاهم.. حماية للزواج نفسه وحماية للأبناء وهذه علامة صحية تعنى أنهم على استعداد لمراجعة النفس وتقبل النقد وتذكروا أننا فى غربة.. والله المستعان.