هل الشماسة دائمًا متهمون حتى إشعار آخر؟ قرائن الأحوال تجيب بنعم فكثير من التظاهرات وأعمال الشعب والتخريب يُتهم فيها الشماسة وكثيراً ما تصف الحكومات الاحتجاجات ضدها بأنها أفعال مجموعة من «الشماسة» لا غير وإن كانت بعيدة كل البُعد عن هذه الأحداث.. لكن هل سيشكل غضب واحتجاج هذه الفئات المنتشرة فى المجتمع بصورة كبيرة خطرًا تخشى عليه السلطات كالذى حدث نهار الخميس الماضي حين قام حوالى «30» متشردًا بتسلق مئذنة مسجد الخليفة بأم درمان وتعلقهم لمدة ثلاث ساعات بمئذنة الخليفة وسط تجمهر كبير للمارة انتهت بمفاوضات بينهم وبين مدير شرطة أمدرمان عميد فيصل خلف الله ونجح في إقناعهم بعد أن طلبوا منه الأمان وفور نزولهم تم القبض عليهم وفتح بلاغات في مواجهتهم، والطريف في الأمر أنه قيل بعدها تمت دعوتهم لمأدبة عشاء فاخرة كانت من ضمن طلباتهم التفاوضية. والقصة المأساوية التي حدثت في العام «1988» لمجموعة من المتشردين بالخرطوم وهم تحت أنقاض النفايات يلتحفون بالصحف في شتاء ذلك العام أمام أحد المطاعم مما أدى إلى دهسهم بواسطة عربة النفايات التي أودت بحياتهم، وقد أثار هذا الحدث المأساوي كثيرًا من الظلال حول الأوضاع المأساوية التي تعيشها هذه الشريحة من المجتمع وليس ببعيد ففي عهد الإنقاذ الحالي فقد تم اعتقال الكثيرين من هؤلاء بعربات الدفار وأخذهم في مجموعات، وقد حدثت حوادث مشابهة عدة مرات، فهل تشكل هذه الفئات الضعيفة تهديدًا وخطرًا لهذه الدرجة؟ فكثيرًا ما ذهبت معظم الحكومات وعهود مختلفة إلى أن أي تظاهرت أو أعمال شغب تُنسب إلى فئة الشماسة للتقليل من أهمية هذه التظاهرات باعتبارهم فئة غير متعلمة وليس لها تنظيمات واضحة، وعادة ما يُنسب إليهم التخريب وحرق الإطارات، بل البعض وصف ثورة أبريل الشعبية بأنها ثورة الشماسة باعتبار المشاركة التي قاموا بها من أعمال حرق واحتجاج، لكن ربما كان وراء هذا الوصف بعض أنصار مايو بغرض التقليل من شأن الثورة الشعبية ودوافعها، ويرى علماء النفس أن أي احتجاجات أو مطالبات من هذه الفئات تكون خارجة من غبن ومعاناة جراء الحياة المأساوية التي يعيشونها.. والطريف أن هذه المطالب لا تخرج من مأوى وعدم مضايقتهم من السلطات. قد تعتبر هذه الحادثة غريبة بعض الشيء على تلك الفئة التي عادة ما يتم زجُّها وتحميلها أي أحداث شغب تحدث، كان آخرها التظاهرات الأخيرة التي شهدتها العاصمة أيام الجمع طوال أكثر من شهر وأطلق منظموها عدة أسماء لها وشهدت شيئًا من أعمال التخريب وحرق المركبات العامة والإطارات وإغلاق الشوارع مما دفع الحكومة إلى أن تصف من قاموا بهذه الأعمال التخريبية بأنهم مجموعة من الشماسة ليس لها أي أهداف واضحة.. على أي حال تبقى تلك الفئة الموجودة داخل أي مجتمع واقعًا لا بد من وضع ضوابط وخطط لمعالجة مشكلاتهم حتى لا يتسببوا في خلق أزمات ومشكلات تضرهم في المقام الأول قبل أن تؤثر على المجتمع، وذلك بحسب أستاذ علم الاجتماع عصام الدين سيد أحمد الذي أوضح ل «الإنتباهة» أن تلك الفئات لها مشكلات وأزمات معقدة ينبغي أن تُحل بموضوعية وبحذر حتى لا تنعكس بصورة سالبة لأنهم مجموعة من الفئات العمرية المختلفة تختلف ظروف نشأتها وتربيتها من شخص لآخر، ويجب الأخذ في الاعتبار ظروفهم النفسية المؤلمة وما يعانونه فإن خرجت هذه الفئات غاضبة فسيكون من الصعوبة جدًا ردعها إذًا فهل هذه الفئات الضعيفة التي تفترش الأرصفة والتي لا تتعدى مطالبها مأوى ومأكلاً ومكانًا آمنًا هل سيتحول ضعفها إلى غضب قد تخشى منه السلطات؟