حيث كتب الشاعر مصطفى سند غنائيته بريد الشوق لم يكن يدري أن هذه الأغنية ستصبح فيما بعد واحدة من الأغاني التي تؤرخ لحامل الشوق والحب في زمان الرسائل والحب الحقيقي. فقصة الأغنية لم تكتب في حياة الشاعر مصطفى سند. وها نحن الآن نكشف قصتها كاملة دون نقصان: في العام «1961م» خرج الشاعر مصطفى سند من معتقل كوبر لقيادته تظاهرة مطلبية تزامنت مع مظاهرات تهجير أهالي وادي حلفا. فكان حين خروجه من المعتقل قد أكثر من التردد نحو حي الخرطوم تلاتة حيث صديقه البريدي المعتق عثمان علي قنديل وهناك خفق القلب لرؤياها فكتب الشاعر مصطفى سند رائعته (عينان على الجدار) انظر البحر القديم «ص26». وفيها يقول: هذا خيالك كالندى الأسيان يرقص في الشبابيك المضاءه يرنو إلى هنيهة ويطير يحملني وراءه لكنها لم تشتهر كاشتهار أغنية (بريد الشوق) التي نحن بصددها، فلم يكن في ذلك الزمان لقاء المحبوبة أمراً يسيراً. فكان أن اهتدى الشاعر لبائعة الكسرة التي تجلس أمام دارها تحت شجرة نيم ضخمة ما زالت حتى الآن تقف بذلك الحي. فكان أن أعطاها خطاباً لها. فكان الرد دافعاً للشاعر لمزيد من الكتابات الغرامية. ولكن تأبى الأقدار إلا أن تعكر صفوه إذ ارتحلت بائعة الكسرة مع ابنها بضاحية القوز بالخرطوم لتتعثر لقاءات الحروف بين الحبيب والمحبوب مع الأخذ في الاعتبار أن والد المحبوبة من الشخصيات الصارمة لحد الرهبة وعدم خروج المحبوبة إلا (للشديد القوي) كما يقولون. فكتب الشاعر هذه الأغنية التي تمجد حامل الشوق والحب والصبابة قائلاً: حليلك يا بريد الشوق وقت ما كنا في بالك تمر بالدار تحيينا ونقول ليك انت كيف حالك حتى يقول: تضوي حروفنا في عينيك