«ما بين الحكومة التي تعتبر نفسها صاحبة كل شيء والمتحكمة فيه والمعارضة التي تعارض بشتى السبل السلمية وغير السلمية ضاعت العديد من الفرص التي أُتيحت والمجهودات التي بُذلت لتحقيق واستدامة السلام في السودان»، هكذا ابتدر القيادي بحركة التحرير والعدالة تاج الدين بشير نيام حديثه في ندوة «مجهودات السلام في السودان.. الآمال والتحديات» التي نظمها المركز القومي للإنتاج الإعلامي مضيفاً أن السودان من الدول غير المحظوظة باعتبار أنه بدأ مسيرته الوطنية منذ الاستقلال بالاختلاف، في إشارة إلى مشكلة الجنوب التي بدأت مع بذوق فجر الاستقلال محملاً أسباب ذلك لإصرار الحكومات التي تعتبر نفسها صاحبة كل شيء ومتحكمة فيه، وعناد المعارضة التي ترفع شعار:« عليّ وعلى أعدائي» مما أدى وفقاً لنيام لتراجع الانتماء الوطني وارتفاع معدل الاحتجاجات التي صارت في مجملها تحديات توجب على السودانيين التصدي لها لإنقاذ السلام والاستقرار في البلاد. وعدّد نيام المجهودات التي بُذلت لتحقيق السلام من لدن اتفاق أديس أبابا 1973م وحتى اتفاق الدوحة الأخير محملاً الحكومات والمعارضة أسباب فشل تلك المجهودات في استمرار السلام، وقال إن اتفاق أديس أبابا الذي وقعه نميري تراجع عنه وكذلك لم تستمر اتفاقية الخرطوم للسلام في العام 1997م وأشار إلى أن اتفاق أبوجا في العام 2006م كان يمكن أن يكون جامعاً ويحقق سلاماً في دارفور لولا المشكلات التي قال إن المفاوض السوداني ظل يتسم بها وهي أنه يفاوض على شيء ثم يتراجع عنه أو يرفض شيئاً ثم يعود ليوافق عليه في وقت لاحق في إشارة لقضيتي التعويضات والإقليم الواحد اللتين طالبت بهما الحركات في أبوجا ورفضتهما الحكومة التي قال إنها عادت ووافقت عليهما في اتفاق الدوحة. وانتقد نيام تمترس المعارضة في مواقفها بسبب وبدونه ودمغها للحكومة بعدم الديمقراطية، وتساءل: إن كانت هناك ديمقراطية حقيقة داخل الأحزاب نفسها؟ متهماً المعارضة والحركات بأنها مختلفة وإرادتها مشتتة ونبه إلى أنهم في اتفاق الدوحه فطنوا لمسألة دمج القوات على الفور باعتبار أن عدم دمجها واحد من المشكلات التي تؤدي للنكوص عن السلام، مشددًا على تمسك التحرير والعدالة بالسلام وقال: «لن نتمرد على الدولة مرة أخرى» وأضاف «يمكنني أن استقيل من الوزارة لكن لن أخرج من البلاد وسأعمل من الداخل» لأن الاتفاق حسب قوله مسنود بإرادة شعبية يمكنها حمايته، وأثنى على الحكومة التي قال إنها تحلت بإرادة حقيقية لتحقيق السلام ولم تجبر عليه. ومن جانبه نبّه القيادي بالمؤتمر الوطني د. أمين حسن عمر لوجود ما سمّاه مشكلة حقيقية في الثقافة السياسية السودانية دعا لدراستها وهي أن تاريخ الاجتماع السياسي السوداني تاريخ نزاع وشقاق داخل الكيانات والكتل السياسية التي نشأت مصطرعة ومتنازعة حسب قوله ، مقرًا بوجود الخلاف الذي اعتبره طبيعياً وحيوياً لكن المشكلة عنده تكمن في تحويله إلى نزاع وشقاق وتضاد وأردف بالقول «منذ البداية أسسنا السياسة على الانقسام» مؤكدًا أن النقطة الجوهرية في عدم استدامة السلام هي غياب قبول الآخر وقال «ليس هناك مساحة للآخر هذه الفكرة غائبة وغير موجودة»، وأشار إلى أن قضية الحرب هي فرع من هذا وقال «في سلوكنا السياسي ظلننا شعارنا هو يا فيها يا نطفيها». ودافع أمين عن الحكومة التي قال من واجبها أن تعزز الأمن والسلام والاستقرار وهذه جميعها تحتاج إلى قانون يقبل به الجميع ويحترمونه، وشدد أن واجب الحكومة الرئيس هو الأمن الذي بدونه لا يتحقق استقرار مستشهدا بالقول «إن من يخرج ويعتدي يضرب في يده» ولكن رغم ذلك أشار عمر إلى أن الإنقاذ منذ البداية قررت السلام لكنه رفض وتم اتهام الحكومة بأنها أقصت الأحزاب ولكن حسب قوله فإن الأخيرة هي التي تحاول إقصاء الحكومة معتمدة في ذلك على المجتمع الدولي وتحاول تجييره لتحقيق هدف إزالة الحكومة، مؤكدًا أن الحكومة بذلت تلك الجهود من أجل السلام لأنه واجبها. ولم ينسَ المتحدثان في الندوة أن يتساءلا عن السر وراء عدم اتفاق السودانيين على دستور دائم في البلاد وأن كل الدساتير التي صُنعت كانت مؤقتة؟ الإجابة عند أمين هي أن فكرة الالتزام تقتضي الاتفاق والاتفاق الواسع في السودان غير موجود وقال«إن الدستور الدائم منذ البداية كل زول يريده بشكل الإنجليز والمصريين والقوى السياسية».