للحكاية بقية: يروي بعضا منها/ أسامة يبدو أن سقوط نظام العقيد الليبي معمر القذافي لن يسعد أطرافاً سودانية بعد الحديث الكثيف الذى دار وتناقلته أوساط ليبية وسودانية حول ملايين من الدولارات أغدق بها القذافي على خزائن جهات وشخصيات سودانية بغرض التمكين وإضعاف النظام القائم في الخرطوم، بدءاً من حكم نميري وحتى عهد الإنقاذ.. وكشف الأسرار حول أموال القذافي مادة شهية، ويأمل كثيرون ألا يسد هذا الباب إطلاقا، وأن يتم فضح كل الاطراف التى قبضت حتى ولو كانوا مسؤولين. وفي ما يبدو فإن الامر يحتاج الى «مراجعات» بدأها الزميل النابة الطاهر حسن التوم عبر برنامجه الحواري الرائع «مراجعات» بقناة النيل الأزرق، وكان موفقاً عندما استضاف أقرب شخص للقذافي لفترة طويلة جدا وهو الاسلامي ومؤسس حركة اللجان الثورية عبد الله زكريا، وللذين لا يعرفون الرجل فإنه من علم القذافى أسلوب الخطابة وكيفية التعامل بوصفه رئيساً، ولعل زكريا هو الشخص الوحيد الذي كان يقول للقذافي لا. كشف المستور المهم في الأمر أن زكريا وعبر البرنامج كشف عن إشرافه وبشكل مباشر على تسلم المعارضة لأموال من النظام الليبى عبر دائرة ضيقة بطرابلس يشرف عليها كبار المسؤولين الليبيين على رأسهم وزير الداخلية الذى اغتيل أخيراً عبد الله يونس، وكشف عن تسلم معارضي نميرى لاربعة ملايين دولار، بل أشار الى أن الجبهة الوطنية المعارضة لمايو كانت تقبض أموالاً وحدد ممثل الاتحاديين أحمد سعد عمر. والأخطر في حديث زكريا خازن أسرار القذافى والعالم بكل صغيرة وكبيرة بالملف السودانى لدى ليبيا، أن حزب الأمة بقيادة الصادق المهدى ظل يقبض أموالاً من القذافي وباستمرار حتى الانتخابات التى جرت العام المنصرم، واستدل زكريا بشهادة السفير الليبي، ولعل هذا يكشف سر علاقة الحزب بطرابلس خاصة، وقد سرت أحاديث عن اتصالات بين كريمة المهدي مريم الصادق وكريمة القذافي عائشة. نفوذ زكريا ولو تم إدخال إفادات عبد الله زكريا الى دائرة الشك، فإن كل من ورد اسمه أو فى انتظار أن يرد اسمه سيواجه بصعوبة بالغة فى الدفاع عن نفسه، وسيتطلب منه الامر تقديم دفوعات قوية تستهل بمرافعة مكتملة الاركان، فالسنوات التى أمضاها زكريا بجوار القذافى تجعل مهمة الآخرين فى الدفاع عن أنفسهم عسيرة، فقد كان عبد الله مقربا من القذافي للدرجة التي كان يلجأ فيها مسؤولون ليبيون إليه، لجهة التوسط لهم لدى القذافي، فى حين كان الناس يظنون أن اولئك المسؤولين نافذون .. ونفوذ عبد الله فى ليبيا كان كبيرا بصورة لا تصدق، حسبما روى لى ذات مرة الاستاذ الصحافي فتح الرحمن النحاس الذى أمضى نحو أربعة أعوام بليبيا ضمن طاقم السفارة السودانية بطرابلس. العدل والمساواة أولهم أولى الجهات التى تم الكشف عن تسلمها لاموال من الجماهيرية الليبية هى حركة العدل والمساواة بقيادة خليل، وهو أمر لم يكن خافياً من خلال عدة قرائن ووقائع، أولها إقامة رئيس الحركة د. خليل ابراهيم فى ليبيا حتى الاسبوع المنصرم، بعد أن طُرد من تشاد فى أعقاب ترميم علاقات الخرطوم وإنجمينا على أيدي مستشار الرئيس د. غازي صلاح الدين العتباني .. وقد قالت مصادر إعلامية وأمنية إن خليل دخل دارفور محملاً بالذهب والأموال التي أهداها له القذافي. ومن ثم بدأت معلومات تتواتر عن تسلم أطراف سودانية لأموال من القذافي. إهدار المال ثراء الحكومة الليبية الذى كان يتمتع به القذافي وأنجاله جعل معمر يعطى باليمين والشمال من أجل أن يكون له نفوذ فى كل مكان، حتى أنه دعم ذات مرة المعارضة في ايرلندا .. وبالتالي دعمه لأطراف سودانية أمر متوقع، خاصة أنه أي القذافي ظل يعمل على زعزعة الاستقرار في السودان بشتى السبل، لكن بالمقابل قد يدافع بعض من قبضوا أو حامت حولهم شبهات بمد يدهم للقذافي أو يتوقع أن تكشف عنهم ويكليكس الليبية ممثلة فى المجلس الوطنى الانتقالى، قد يدافعوا عن انفسهم بأنهم يستحقون تلك الاموال نسبة للخدمات التى ظلوا يقدمونها للقذافى الذى كان محاصراً فى بلده لسنوات طويلة منذ حادثة طائرة لوكربى التى القت بظلال سالبة على ليبيا فى المحيط الاقليمى والدولي، وتبرز هنا أسماء سياسيين سودانيين يُشاع بأنهم كانوا في مقام المستشارين للقذافي، مثل الشريف حسين الهندي الذي كان مسؤولاً عن المال في الجبهة الوطنية التي ضمت بجانب الاتحاديين، الإسلاميين الذين تولوا الأمانة العامة في شخص عثمان خالد مضوي الذى يقال إنه من أكمل صفقة حيازة الحكومة الليبية على رخصة إقامة برج الفاتح قبالة شارع النيل بالخرطوم، وكذلك حزب الأمة الذي تولى الرئاسة فى شخصية الصادق المهدي .. وقد يكون أيضاً ممن قبضوا عبد الله زكريا نفسه!!