لا يزال الجدال والاختلاف قائمًا بشأن الدستور طالما أن هنالك آراء مختلفة بشأن تكوين الدستور، وطالما وُجدت بعض الأحزاب الرافضة لمبدأ الجلوس لتكوين الدستور، وإن كثر الحديث عن تكوين دستور جديد للسودان عبر الندوات والملقتيات والتي لا تختلف كثيرًا بعضها عن بعض إلا في الأشخاص المشاركين وفي الندوة التي نظمها الاتحاد العام للطلاب السودانيين بعنوان «دستور السودان القادم» أمس الأول وشارك فيها ثلاثة ممثلين لأحزاب مختلفة هي الوطني والشعبي والأمة وإن كانت الندوة سايسية في الدرجة الأولى لكن يغلب عليها الطابع القانوني أكثر إلا أنها خرجت بآراء وتحليلات دون الوصول إلى مقترحات. فراغ دستوري القيادي بالاتحادي الديمقراطي الأصل البروفيسر بخاري عبد الله الجعلي قال إن البلاد تعيش في حالة أسماها «بالفراغ الدستوري» وأنها تُحكم بسياسة الأمر الواقع، مضيفًا أنه على الرغم من قانونية دستور «2005» إلا أن الوطني كان ذكيًا بوضعه للمادة «226/9» والتي أشار أنها نصَّت على استمرار الدستور إلى حين وضع دستور دائم يتوافق حوله الجميع، وأضاف أن اتفاقية السلام والتي نتج عنها دستور «2005» تقف على ساق واحدة عقب الانفصال موضحًا أن هذا الدستور الانتقالي الحالي لا يمثل دستورًا وإنما اتفاقية بين الوطني والحركة الشعبية وأن هنالك فرقًا شاسعًا بين الاتفاقية والدستور.. وتمسك الجعلي بقيام دستور مؤقت بديل مستشهدًا بالدستور الذي وضعه الزعيم إسماعيل الأزهري وعلى ضوئه أعلن الاسقلال حيث تم وضعه خلال سبعة أيام، موضحًا أن من الصعب وضع دستور دائم يتوافق عليه الجميع، وانتقد الجعلي الأحزاب الرافضة لدعوة الرئيس لمناقشة الدستور، وقال: يجب أن تشارك من حيث المبدأ وتطرح رؤيتها حول الأمر وبعدها لها الحق في الرفض أو القبول. أحزاب اللافتات «خمسون» حزبًا هي التي تمت دعوتها من قِبل رئيس الجمهورية للمشاركة في وضع الدستور، ويعوِّل عليها الوطني في ذلك كثيرًا، لكن الجعلي وصفها بأنها أحزاب لافتات لا تملك ثقلاً جماهيريًا وأنها ليس لديها قواعد، وأكد أن هذا من البدهيات إذ لا يحتاج لإثبات، مشيرًا أن الأحزاب التي لها جماهير لا تتعدى الخمسة: هي: حزب الأمة والمؤتمر الوطني والمؤتمر الشعبي والشيوعي والاتحادي، وأن هذه الأحزاب ال«50» التي وُجِّهت لها الدعوة لا تمثل أغلبية تساند الدستور، ونوَّه الجعلي بأن السند الأساس لقيام دستور دائم هو جلوس كل القوى السايسية في مائدة مستديرة، وقال الجعلي قانونيًا يجب وضع الدستور عبر جمعية تأسيسية وهو يتم بمرحلتين مرحلة المناقشة العامة حول الموضوعات العامة للدستور ثم مرحلة إصدار الدستور والذي يتم عن طريق جمعية تأسيسية، وتساءل الجعلي «كيف للمجلس الوطني الذي تكون من جمعية تأسيسية أن يصدر الدستور؟» فالوطني ألمح لإصدار الدستور عن طريق البرلمان وليس الجمعية التأسيسية وذلك أسوأ أنواع لديمقراطية وهو إجازة الدستور بالاستفتاء الشعبي مما يؤدي إلى جهل المواطن بمحتوى الوثيقة. رؤية موحدة رئيس لجنة التشريع والعدل بالبرلمان الفاضل حاج سليمان استبعد أن البلاد تعيش حالة فراغ دستوري وقال: «لو أننا نعيش فراغًا دستوريًا لانقلب الحال الآن» وتابع أن النظام الفيدرالي القائم بحاجة إلى مراجعة مبينًا أن ضعف التركيبة السياسية وتشتت الأحزاب السودانية ضاعف من أزمة البلاد مضيفًا أنهم بحاجة إلى رؤية موحدة ووحدة وطنية حقيقية داعيًا الأحزاب إلى المشاركة في تكوين الدستور.. من ناحيته طالب القيادى بتحالف قوى المعارضة باردو صندل المحامي طالب المجلس الوطني بإلغاء قراره السابق باعتبار دولة الجنوب دولة عدو، قبل إجازة اتفاق التعاون المشترك.. وأيضًا أن دستور «2005» لا يختلف عن دستور «98» في تكريسه لهيمنة الحزب الحاكم مشيرًا إلى أن إسلامية الدستور تم استغلاها بصور واضحة ورأى صندل أن متطلبات الدستور الدائم تتمثل في مشاركة واسعة ووقت كافٍ لمناقشته وتحقيق الإجماع عليه مبينًا أن النظام القائم والظروف الحالية بما فيها من توترات بولايات درافور وجنوب كردفان والنيل الأزرق لا تسمح بوضع دستور دائم. إذًا فالخلاف حول تكوين الدستور يبدو وكأنه لا تبدو ملامح مبشرة حول تكوينه فالحكومة من جهة تسعى جاهدة بمشاركة جميع القوى السياسية لتكوين الدستور.. موقف المعارضة وصفه رئيس لجنة التشريع والعدل بالبرلمان في حديث سابق بأن وراءه مقاصد بعيدة معللاً ذلك بأنها ترفض مبدأ الجلوس في الوقت نفسه ترفض المعارضة مبدأ الجلوس بحجة أن الوقت الذي تعيشه البلاد غير ملائم لإصدار دستور.. على أي حال تبقى التكهنات والتوقعات بشأن تكوين الدستور غير واضحة المعالم إلى الآن إلى أن يتم الاتفاق بين كل الأطراف المختلفة.