لم يختلف مشهد قصف مصنع الذخيرة بمجمع اليرموك أول أمس، عن قصف مصنع الشفاء، وإن كان الأخير قد تم تبنيه من قبل الولاياتالمتحدة فى أقل من ساعات من القصف، معلنة أنها التى ضربت المصنع بحجة أنه مصنع للأسلحة الكيماوية. لكن قصف أمس الأول لمصنع الذخيرة وعلى الرغم من اتهام الحكومة لإسرائيل بضرب المصنع بأربع طائرات إسرائيلية، اكتفت إسرائيل بصمت أشبه أن يكون رداً بالإيجاب. فقد أعادت الضربة التى حدثت أمس الأول لمصنع الذخيرة أعادت إلى الأذهان ضرب مصنع الشفاء فى العام 1997 والتى فى وقتها برزت تكهنات بأنها طائرات، ولكن فى واقع الأمر اتضح أنها صواريخ من طراز توماهوك أمريكية الصنع، وكانت قد انطلقت من الأسطول الأمريكي فى البحر الأحمر، وبحسب اللواء «م» عباس إبراهيم الذى أوضح ل«الإنتباهة» أن هذه الضربة التى استهدفت مصنع الذخيرة لا يستبعد أن تكون إسرئيل بالتحالف مع الولاياتالمتحدة وراء هذه العملية، لأن كل دول القارة لا يوجد لديها طيران ليلي الذى تمتلكه الولاياتالمتحدةالأمريكية وإسرائيل والدول الغربية عموماً، ويضيف اللواء عباس أن هذه العملية هى ضربة موجعة للحكومة. فالمصنع يصنع الذخيرة بمختلف أنواعها لمد العمليات المسلحة، وهو بذلك يعطل النشاط القتالي على كافة الجبهات.. لكن اكتفاء إسرائيل بالصمت ليس بالضرورة يضمن لها البراءة، فقد ظلت فى كل المرات التى استهدفت فيها السودان فى مناطق الشرق خاصة، ظلت تنفي على المستوى الرسمي إلا ان هنالك مصادر إسرائيلية غير رسمية ذكرت أن الفرقة الثالثة عشرة التابعة لسلاح الجو الإسرائيلي تبنت عملية قصف مصنع اليرموك للأسلحة والذخيرة بضاحية «أبو آدم» جنوبي الخرطوم، بحجة تمويله لحركة حماس الفلسطينية بالعتاد. وعلى لسان مسؤول عسكري بحسب مراسل الجزيرة تقر وتؤكد أن لإسرائيل رسائل واضحة بهذه العمليات، وبررت عمليات القصف السابقة أنها رداً على ما ظلت حكومة السودان تدعم حركة حماس. من جانبها فقد توعدت الحكومة على الرد على تلك العملية، وأكد وزير الإعلام أحمد بلال خلال المؤتمر الصحفي أمس أن الحكومة سترد بطريقتها على تلك العملية، موضحاً أن الاتهامات التى ظلت تسوقها إسرائيل أن هنالك خطاً مول من الحكومة لحركة حماس بالتنسيق مع إيران فهي لا تخرج كونها مشروعاً قديماً لإسرائيل ظلت تصرح به. وبحسب مراقبون فإن ما حدث أمس الأول يؤكد ويبرز أن السودان لا يملك قوة دفاع جوي تتصدى للطيران الحربي الإسرائيلي، لكنه كان من الممكن تفادي مثل هذه العمليات بالتخطيط الأمني السليم.. فمعلوم أن لإسرائيل وجوداً استخبارياً واستطلاعياً واسعاً في منطقة القرن الأفريقي، وأن الولاياتالمتحدة تعمل في المنطقة وسبق أن قامت بقصف مواقع في اليمن. إذاً وبحسب خبراء أمنيين فإن القضايا الأمنية بحاجة لحذر شديد، لكنها بحاجة لعقل أمني يفكر وينشغل في كيفية تفادي مثل هذه العمليات. ويبرز السؤال: من أين مرت هذه الطائرات دون أن تعلم بها السلطات؟ وبحسب الخبير الأمنى عباس شاشوق فهناك مسار واحد هو من فوق خليج العقبة، ومن ثم عبر أجواء مضائق تيران، ثم البحر الأحمر. بحيث لا يوجد مسار آخر يمكن أن تعبره. تعرض السودان لضربات جوية إسرائيلية، فقد هاجمت القوات الإسرائيلية في شهر فبراير الماضي قافلة سلاح يظن أنها كانت متوجهة للأراضي الفلسطينية، قالت مصادر غير رسمية إنها رداً على ما اعتبرته دعماً من السودان لحركة حماس. وفي نهاية شهر نوفمبر من العام 2011، استهدفت الغارة رتلاً من السيارات بالقرب من الحدود المصرية، وتحديداً في وادي العلاقي شمال غرب حلايب، وتمكنت الغارة الإسرائيلية من تدمير سيارة لاندكروزر وأخرى تايوتا هايلوكس، ونتج عن الغارة استشهاد اثنين وجرح العديد من أفراد القافلة، وهرب البقية عائدين الى داخل الحدود السودانية، وأفاد شهود العيان بوجود عدد من المفقودين. وبعد انتهاء الغارة مشط سلاح الجو المصري المنطقة بعدة طلعات. وفى ديسمبر 2011 هبطت طائرتا أباشتي تابعتان للجيش الإسرائيلي في جزيرة مقرسم، الواقعة شرق محمد قول، التي توجد فيها محطة للدفاع الجوي معروفة بمحطة رادار «11»، وتمكن أفراد الجيش الإسرائيلي من التجول بحرية في الجزيرة، وعادت الطائرات بدون إعتراض من الجيش السوداني. وها هى إسرائيل تعود مجدداً مستهدفة مصنع الذخيرة والأسلحة.