لا شك أن الشباب الذي يجد الاهتمام من قبل حكومته سيكون شبابًا معطاءً فاعلاً يسخِّر امكاناته للتنمية وفعل الخير، ولكن الذي يجد الإهمال وعدم الرعاية سيكون هدامًا للمجتمع ورهينة سهلة للاستغلال من قِبل من يسعَون لتحقيق أجنداتهم الخفية إن وُجدوا، ولعل الناظر لثورات الربيع العربي يجدها قد انطلقت عبر الشباب الذين أحسوا بالظلم الواقع عليهم من قبل حكوماتهم ورغم الوعي الذي يتمتع به الشاب السوداني إلا أن السلطات المسؤولة لم تُعر أدنى اهتمام لذلك، فكثير من الشباب بولاية جنوب دارفور وتحديدًا نيالا بأحيائها المختلفة يعانون ويشكون مُر الشكوى من عدم وجود البيئة المناسبة التي تجمعهم للتفاكر حول المستقبل وكيفية وضع الخطط رغم امتلاكهم للأراضي التي خُصِّصت لهم بكل حي لتكون دارًا للشباب لكنها أراضٍ بلا مبانٍ، ومن خلال تلك المقدمة أدلف إلى المعاناة التي تواجه شباب حي المصانع شمال بمحلية نيالا شمال وبحثهم المتواصل عمَّن يدق صدره ويتكفل بإنشاء ولو غرفة واحدة في دارهم حتى تصبح مأوى لهم لمزاولة أنشطتهم تجاه الحي والمجتمع، ويقول رئيس رابطة شباب حي المصانع شمال غاندي حبيب إنهم رفعوا شعار «العمل بالقليل المتاح» تمكَّنوا من خلاله من إنفاذ المشروعات آنفة الذكر لم يطرقوا عبرها أبواب الحكومة سوى الخيرين من أبناء الحي وأضاف في حديثه ل«الإنتباهة» أنهم في رأس كل سنة ينظمون احتفالاً فريدًا من نوعه بمناسبة أعياد الاستقلال لربط الأجيال بماضي ومجاهدات الرعيل الأول وزرع بذور الوطنية في الجيل القادم مبينًا أن هدفهم الآخر من الاحتفالات أن تتبنى حكومة الولاية أو أي منظمة خيرية إنشاء دار الشباب إلا أن ذلك لم يتم ويجنون فقط الوعود والتبرعات الوهمية أمام جماهير الحي الذين يتدافعون بكلياتهم ليشهدوا تلك المناسبات، وتابع: «أوجه النداء عبر صحيفة «الإنتباهة» التي نحسبها الأولى في الولاية والسودان لنطرق أبواب كل الخيرين والحكومة بضرورة إنشاء دار الشباب لنتمكن من إنفاذ خطتنا ونكون خير معين لحكومتنا في التنمية والإعمار بالاستفادة من تلك الطاقات المهملة التي يتمتع بها الشباب»، وأضاف غاندي أن لديهم قطعة أرض مصدَّقة للدار منذ العام 1994م في مساحة «1200» متر لكنهم لم يجدوا حتى الآن من يشيدها لهم، أما اللجنة الشعبية التي تمثل حكومة مصغرة للمحلية بالحي فقد كان لها جهد كبير في خدمة الحي بإدخال الكهرباء بالجهد الشعبي فضلاً عن خدمات المياه رغم انقطاعها المتواصل بالمدينة علاوة على اهتمامها بأمر الفقراء والأيتام بالحي، وهنا ظل شباب الحي يشيدون بدعم اللجنة الشعبية في دورتها الحالية برئاسة عبد الرحمن النضيف الذي كان خير معين لهم في إنفاذ أنشطتهم والوقوف مع قضاياهم لتمتعه بعلاقات طيبة مع أعيان الحي وأشار عبد الرحمن النضيف إلى ضرورة الاهتمام بأمر الشباب وتوجيههم في الاتجاه الصحيح، وقال ل«الإنتباهة» إن الشباب ظلوا يطرقون أبواب اللجنة الشعبية لتشييد دارهم لإنفاذ مشروعاتهم من خلالها بدلاً من الاعتماد على المدرسة لكن إمكاناتها محدودة حالت دون تحقيق حلم الشباب، وقال النضيف إن اللجنة الشعبية تشهد بأن هنالك العديد من التبرعات لشباب الحي من قبل الحكومة السابقة والحالية لكنها ظلت وعودًا وهمية أمام الجماهير فقط مطالبًا حكومة الولاية والمحلية بدعم أنشطة الشباب لدورهم الكبير في بناء المجتمع، عمومًا حالة شباب حي المصانع هي نموذج فقط لمئات الروابط الشبابية بنيالا التي تعاني الإهمال الواضح في ظل الوجود الكثيف من المنظمات الوطنية والأجنبية التي تعمل في مجال التنمية ورفع القدرات الشبابية فهي دعوة يوجهها الشباب لحكومة الولاية بالاستفادة من امكانات المنظمات الأجنبية وبعثة اليوناميد عبر قسمها المدني لإنشاء الدور التي تنطلق منها المشروعات الرامية لخدمة مجتمعاتهم المختلفة.