ماتفهمونا غلط!!: متوكل عبد الحكم الاهتمام بالزمن لدينا نحن السودانيين يكاد يكون معدوماً ما عدا قليلاً من الذين يشذون عن هذه العادة أو أجدر أن نقول الطبيعة التي نشأنا عليها فصارت لنا «طبعاً» والتي تجعلنا ننظر لكل من يهتم بالزمن وينظم مواعيده بأنه خواجه أو زول «اتجاه واحد» ، لدرجة أنك إذا واعدت شخصًا في زمن معين وتأخر عليك «كالعادة» فغالباً ما تعتذر أنت له بأن مواعيده مواعيد سودانيين. ومن الأشياء التي نفعلها بدون سابق اتفاق «معلن» هو التأخير عن أي موعد محدد لمعاينه أوتقديم أو أي معاملة تتطلب الالتزام بالمواعيد، فمثلاً في المحاكم نجد حاجب المحكمة ينادي على الطرفين للدخول للمحكمة وتكون المواعيد مضروبة قبل أسبوعين مثلاً ولكن ينادي الحاجب ولا يحضر المدَّعي ولا المدَّعَى عليه بل قد يحضر الطرف الثاني والطرف الأول «صاحب الحق» قد يتأخر أولا يحضر بالمرة وكل ذلك لأنه سوداني والزمن ملحوق ولا داعي للاستعجال لأن الدنيا «ما طايره». مثال آخر والامتحانات على الأبواب والتقديم لها يستمر لفترة ولكننا نترك معظم الفترة الأولى للتقديم ونحضر ونتزاحم في آخر يوم حتى نلحق الامتحان، وشيء مرتبط بها هو التقديم للجامعات والذي يستمر لحوالى شهر ولكننا نترك كل الشهر ونقدم في اليوم الأخير ولا نقتنع أننا قدمنا ما لم تكن هنالك صفوف وزحمة. إذا فاز أحد السودانيين في مسابقة فالطريقة التي فاز بها معروفة وهي أنه قدّم للمسابقة في آخر يوم ولم يكن يعلم عن المسابقة إلا عن طريق قريبه الذي نصحه بالمشاركة لكنه لم يهتم وأصر عليه أن يجرب حظه في آخر يوم. والاحتفال عندنا بالمولد النبوي الشريف يستمر لحوالى أسبوعين ومعظمنا لا يشتري حلاوة المولد إلا في آخر يوم حتى لو كان آخر يوم في المولد بعيد كل البعد عن «يوم الماهية» ونتزاحم ويضيق بنا المكان كل ذلك لأننا سودانيون نحرص على آخر يوم. أما في موسم الأعياد فنحن لا نذهب للتسوق إلا في يوم «الوقفة» وهو آخر يوم يختلط فيه كل شيء وحتى إذا اشتريت أي حاجة ولقيتا «ما نافعة» لا تستطيع إرجاعها لصعوبة ذلك اليوم الأخير. أما طلاب المدارس والجامعات فالمذاكرة هي أيام الامتحانات أي الزمن «بدل الضائع»، وقد تذكرت دفعتي وزملاء الدراسة في الجامعة فكان عندنا ناس الواحد أيام الامتحان «ما بنوم» فالنظام كان أخذ راحة من الظهر حتى العصر ثم «قعدة واحدة» تتخللها الصلوات وهي سهرة متواصلة حتى صباح اليوم الثاني يستعينون فيها بالله ثم يدعمون وضعهم ببعض «المنشطات» والواحد عندما يقترب زمن الامتحان «ياخد دش» ويبقى داخل..... والغريبة كانوا بينجحوا.