رضع الاثنان من ثدي الإعلام منذ نعومة أظفارهما. فعبد الرحمن أحمد هو سليل أسرة عُرفت بين الناس بالشعر والأدب، فوالده أحمد محمد صالح المعلم التربوي والشاعر الفحل كاتب فينوس التي ما من قارئ للشعر السوداني إلا وتوقف عندها (لو كان لي ذهب المعز لأحسنوا صلتي وودي) وهو كذلك أحمد محمد صالح ناظم نشيد العلم. النشيد الوطني، هذا غير الكثير من الأشعار والمقالات التي كتبها. أما أشقاء عبد الرحمن أحمد فهم الإعلامي الأشهر بالبي بي سي الإذاعة البريطانية في الخمسينيات صلاح احمد محمد صالح الشاعر الغنائي وأول من قدم برنامج حقيبة الفن. هذا غير شقيقه المعلم الهادي أحمد محمد صالح الشاعر معلم اللغة العربية المعروف. كذلك له من الشقيقات الطاهرة القارئة الممتازة وسيدة الكرم والتلقائية الاجتماعية وكذلك الشاعرة غالية أحمد التي رثت والدها بقصيدة عصماء حين وفاته. وسط هذا الجو كان لا بد أن ينشأ عبد الرحمن أحمد مثفقاً محباً للعمل الإعلامي فكان له ما أراد. أما متوكل كمال فقد كان ذا ميول رياضية أولاً فقد نشأ في بيت تحفه رعاية الأهل علماً وسلوكاً قويماً وهو الشيء الذي جعله يعتلي مدارج العلم حتى التحق بالكلية الحربية في العام 1959م ليتخرج منها ملازماً بالجيش لخلفية أهله في العلم السبب الذي جعله واحداً من قراء ما تجود به المكتبات وذلك لوجود شقيقه الأكبر المعلم حسين كمال أحد أبكار المعلمين بمعهد التربية ببخت الرضا. لم يعمل متوكل كمال كثيراً بالجيش السوداني إذ ترك الخدمة به ليعمل بالإعلام في منتصف الستينيات. عمل عبد الرحمن أحمد بالإذاعة وعمل متوكل كمال بالتلفزيون فكانا من مبدعي العمل بجهازي الإذاعة والتلفزيون. بالإذاعة أعد عبد الرحمن أحمد برنامج (صفحات مسموعة) وهو البرنامج الذي ارتبط عبد الرحمن به لفترة ليست بالقصيرة.. فكان من ضمن فقرات هذا البرنامج مقطع من قصيدة شاعر من كبار الشعراء زائداً قصة قصيرة مؤثرة التفاصيل. المدهش في هذا البرنامج هو وجود جميع صنوف القراءات التي يمكنها أن تشكل صفحات مسموعة كالحكم والأمثال. استمر عبد الرحمن أحمد كأحد فرسان العمل الإذاعي يعمل في إبداع واحتراق حتى تقاعد للمعاش في 2004م ومن ثم كانت فترة عمله كمتعاون بالإذاعة حتى لاقى ربه في مايو الماضي تاركاً ذكرى لن تمّحى من ألق حيث يقرأ نشرة للأخبار. جمالاً حين يقدم ويعد برنامجاً إذاعياً. أما المبدع متوكل كمال فقد بدأ يعمل بالتلفزيون في العام الذي افتتح فيه فكان برنامجه (أمسيات) من البرامج التي بُثت كسهرة أسبوعية وهو كذلك البرنامج الذي كان ينتظره الناس على أحر من الجمر. داخل هذا البرنامج أمكن ولأول مرة خروج كاميرا التلفزيون خارج الإستديوهات لمقابلات فنية واجتماعية هي في قالب المنوعات التي برع فيها هذا المبدع. من حلقات هذا البرنامج التي لن تُنسى حلقة مع الفنان الطيب عبد الله بحدائق المقرن وأخرى مع الفنان التشكيلي عثمان وقيع الله الاثنان يستحقان تكريماً خاصاً من الدولة وأجهزة الإعلام. فهل من تحرُّك لرد الجميل لهما.