انتظر مواطنو النيل الأبيض كثيرًا مخرجات الحكومة الجديدة عقب الانتخابات التي تولّى شؤونها يوسف الشنبلي وطال انتظارهم لجهة أن الولاية لفترة من الوقت لم تفق من صدمة الصراع الجهوي الذي دار إبان الانتخابات وألقى بظلاله على الولاية ولا تزال تأثيراته مخيمة على بحر أبيض.. كان المخرج الوحيد للوالي الشنبلي هو تنفيذ البرنامج الانتخابي لحزبه الذي صمم على مستوى المركز وفق خطة اجتهد فيها المؤتمر الوطني ضلّت طريقها في النيل الأبيض، فملف التنمية بالولاية لم يتحرّك قيد أنملة وكان التحدي الحقيقي من خلال ثلاثة ملفات تنموية حيوية هي المياه وتجميع كهربة المشاريع الزراعية والطريق الغربي أم درمانالدويم.. فبشأن المياه لم تجِب الولاية عن السؤال المهم أين الأموال التي رُصدت لهذا الملف؟ الذي يرتبط معه ملف كهربة المشاريع الزراعية سيما وأن بحر أبيض ولاية زراعية، أما طريق أم درمانالدويم فيخدم ثلاث محليات حيوية وهي أم رمتة والقطينة الجزء الغربي منها والدويم التي بعد افتتاح الكوبري المؤدي لها في السابع من يوليو باتت غير محتاجة للطريق الغربي الذي يتردّد أنه آل لشركة تتبع لنائب برلماني يمثل إحدى دوائر الولاية مما يعني أن أهالي المنطقة لن يجدوا نائبًا يبكي تحت قبة البرلمان لحالهم.. ومن ثم فإن الأمر يفتح باب التساؤل بشأن الأموال التي يتم إهدارها خاصة أن حكومة الولاية قبل عدة أشهر وفي إطار تصفية الحسابات مع الحكومة السابقة وتحديدًا الوالي محمد نور الله التجاني كشفت عن مكامن فساد بملايين الجنيهات ثم جاءت ذات الحكومة حكومة الشنبلي وطبّقت مبدأ فقه السترة وطوت ذلك الملف. أهمية النيل الأبيض برزت بشكلٍ كبير عقب الانفصال فالولاية باتت ولاية حدودية مع الدولة الجنوبية الوليدة مما يتطلب الأمر واليًا بخصائص وميزات أكثر خصوصية.. وهنا نذكر أن ذكاء المؤتمر الوطني بالمركز وليس والي القضارف كرم الله عباس تجلى في اختيار العقيد د. فتح الرحمن الجعلي معتمدًا لمحلية القلابات بالقضارف أسهم تعيينه في استتباب الأمن بشكلٍ كبير، ومن ثم من الممكن أن يتحدّث الناس عن خروج ولاية جديدة من رحم بحر أبيض تضم محليات «كوستي، السلام، الجبلين وتندلتي» وتبقى النيل الأبيض الوسطى تضم المثلث «الدويم، القطينة وأم رمتة» مع أن المركز يعمل جاهدًا كي لا تغري الولاياتالجديدة بدارفور بقية الولايات.. وولاية بهذه المواصفات تتطلب توافر الحس الأمني وبشكلٍ كبير في كافة طاقم الحكومة خاصة في ظل التهديدات المتكررة من جانب دولة الجنوب التي أشار مسؤولوها الأسبوع الفائت إلى عدم تهاونهم في التعامل مع السودان. مسألة رابعة لا تزال تقلق الوالي الشنبلي وربما مؤثرة في أدائه وهي عودة منافسه في الانتخابات د. إبراهيم هباني إلى صفوف المؤتمر الوطني خاصة أن هباني يحظى باحترامٍ كبير في الولاية والمركز وقد رشحت معلومات عن تعيينه مستشارًا للرئيس ليكون مشرفًا عن ملف تنمية النيل الأبيض ومن ثم أرجئ الأمر إلى ما بعد الانفصال.. وتأكد مواطنو الولاية من اهتمام المركز بهباني عقب افتتاح الرئيس البشير لجسر الدويم حيث حلّ ضيفًا بمنزل شقيق د. إبراهيم هباني يوسف هباني، واعتبر البعض تلك الزيارة التاريخية أعلت من كعب آل هباني الذين هم في الأصل من الأسر المرموقة ببحر أبيض. أخيرًا يشعر كثيرٌ من مواطني الولاية بالتباطؤ الذي يلازم أداء حكومة الولاية التي طالها تغيير لم يتجاوز ال «20%» لجهة وجود عدد من الدستوريين على كراسي الحكم منذ مجيء الإنقاذ دون أن يطولهم التغيير وهذه في حد ذاتها واحدة من المسائل التي من الممكن جدًا أن تقلق الشارع ببحر أبيض الذي ينشد التغيير.