لم تنس الجماهير الهلالية حالة الهياج التي تملكت نجمها الكبير هيثم مصطفى في مباراة جمعت الهلال بفريق أورلاندو الجنوب إفريقي جرت بملعب الأخير عندما استشاط غضبًا وركل قارورة مياه كانت على خط «التماس» لجهة استبداله بأمر المدرب، وواضح أن هيثم «فاض بيهو» ولعل ذلك كان حال وزير الخارجية علي كرتي الذي غضب من اللعب الأمريكي الخشن في ملعب الدبلوماسية الذي يجمع فريقه الخرطوم بنظيره واشنطن وصحف أمس الأول تنقل وصفه لأمريكا بالدولة المنافقة المحكومة بواسطة قلة من اليهود وإن كان ما قاله لا يدعو للانتباه كون جل المسؤولين ينتقدون أمريكا لدرجة السباب لكن ما يستحق وقفة أن الدبلوماسية ارتدت ثوب الصقور رغم أن التوجه الحكومي هو تحسين العلاقة مع واشنطن وكانت مؤشرات ذلك تصريحات القائم بالأعمال الأمريكي بالخرطوم، عقب لقائه مساعد الرئيس نافع علي نافع، منتصف أغسطس الماضي، أكد من خلالها رغبة بلاده من خلال حوار سريع في التغلُّب على التحديات التي تواجه علاقات البلدين. كلمات كرتي الساخنة في حق أمريكا والتي بحسب مراقبين افتقدت الاتزان كون الرجل معني بتلطيف الأجواء خارجيًا واستيراد المناصرة. وتماثل حالة الغضب تلك قوله أمام البرلمان عقب تحرير هجليج: «إن تصريحات بعض القادة السياسيين أضرت بالبلاد خارجيًا على شاكلة «الجماعة ديل بيجو بالعصي، الحشرة الشعبية وبنمشي جوبا»، وكان واضحًا أن ذلك كان ردًا على هجوم البشير القاسي على جوبا الذي وصف قادتها ب «الحشرات» كما نعتهم بقصور الفهم والاستيعاب. وقد توقع كثيرون اتخاذ الحكومة موقفًا حاسمًا تجاهه لا سيما وأن كرتي وبحسب مصدر موثوق ردَّد ذات الحديث داخل أروقة الحزب وقوبل بتعنيف من عدد من القيادات ومع ذلك مضى في اتجاه ترديده على الملأ رغم أن وزير الأوقاف الأسبق د. خليل عبد الله تناول فساد الأوقاف تحت قبة البرلمان فكان مصيره الإقالة. ركْض كرتي خارج مضمار الدبلوماسية تكرَّر مساء أمس الأول عندما حلَّ ضيفًا على البرنامج التلفزيوني ذائع الصيت «حتى تكتمل الصورة»، حيث مارس هوايته بانتقاد الحكومة بتأكيده وجود خلاف داخلها حول التعاون مع إيران ودول الخليج وهو تصريح فيه إرباك للحكومة لكن الأمر الذي لا خلاف حوله أنه أقر دون أن يدري أو بقناعة منه سيان بعدم إلمامه بما يجري من حوله عندما قال: «حتى الآن لا نعلم أن مصنع اليرموك ضُرب بطائرات أم صواريخ» مع أن الحكومة أعلنت رسميًا أن سربًا من الطائرات الإسرائيلية هاجمت اليرموك!! كثرت في عهد كرتي المطبّات التي اعترضت طائرة الدبلوماسية إذ لم تفلح رحلاته الماكوكية إلى واشنطن في تحريك جمود العلاقات فضلاً عن أن العلاقة مع دول كبرى مثل الصين وروسيا لا تزال محلك سر إذ كثيرًا ما صوَّبت الاتهامات إلى سفارة السودان ببكين كما أن سؤالاً لم يجد له الكثيرون إجابة حتى الآن هو سر الإبقاء على السفير ميرغني صالح في بكين لأكثر من عقد من الزمان حال تقييم علاقات البلدين كما أن الخارجية لم تجذب الدب الروسي إلى ساحة الاستثمار في السودان بجانب عدم تفعيل بعثات مهمة في كل من نيويورك والقاهرة غير متناسين أن خطاب البشير صبيحة انقضاض الإنقاذ على الحكم ذكر فيه ضرورة تحسين العلاقات مع مصر والسعودية وليبيا. أحاديث هامسة تتناول التغيب المتكرر لكرتي عن الوزارة وإن لم تتمكن الصحيفة من إثبات ذلك لكن إشارة كرتي في البرنامج المذكور عن علمه بوصول السفن الإيرانية من الإعلام أدهش المراقبين لجهة أن الخرطوم تمنعت عن استقبالها العام الماضي واستقبلتها موانئ جدة السعودية وحظي وصولها الآن بالاهتمام فقط لتزامنه مع قصف اليرموك.. كما أن سفراء رسبوا في اختبار اللغة الإنجليزية في سبتمبر الماضي مما أصاب الوزارة بالحرج. كرتي من النافذين في الإنقاذ على الأقل في وقت سابق عندما كان ممسكًا بملفات العمل الخاص ولكن فيما يبدو أن مياهًا كثيرة جرت تحت الجسر عند النظر للرجل الذي لا يتحسس موضع أقدامه.. أو عند تدبر مقولة القيادي بالشعبي المحبوب عبد السلام في كتابه الذي شرَّح فيه العقد الأول من الإنقاذ وقال عن دبلوماسيتها هناك عُقدة تصويب الرجل الأنسب في الموقع الأنسب.