الحنين، ذلك الإحساس العميق الذي ينتاب الإنسان في صحوه ومنامه عند افتقاده لشخص عزيز لديه فتجده يتحكم في كل السكنات والخلجات دون توقف.. هذا ان كنت قريبًا منه جغرافيًا ووجدانيًا، اذن ما بالك عزيزي المغترب وانت تفصلك آلاف الأميال والجبال والتضاريس عمن تودهم وتحنُّ إليهم دون توقف حتى لأخذ نفس عميق؟ ألا تجد نفسك بين ليلة وضحاها تشد الرحال للعودة لدار الأهل والأحباب وتراب الوطن العزيز؟ ألم تتسائل عما يعانيه ابناؤك ببعدك عنك وافتقادهم لعطف الأب وحنانه وهم يشاهدون أقرانهم يتهامسون: «أبوي جاب لي عجلة، ابوي لعب معاي الليدو».. قد يعتقد البعض أنها أشياء صغيرة ولكنها لها مدلولات نفسية عميقة بأنفس هؤلاء اليافعين.. اسقاطات الاغتراب والهجرة كثيرة لا يمكن حصرها ولكن اشدها عمقًا ذلك الذي يترسب بنفوس الأبناء لافتقادهم لمعنى وجود الأب بجوارهم، وبالنظر للقضية بكافة جوانبها وبالمقارنة بأوضاع من يعيشون وسط آبائهم يشعرون بالاغتراب الداخلي لعدم وجود الأرضية المشتركة وبالتالي يشعرون بافتقاد معنى وعطف الأبوة الحقيقية فينزلقون وراء أصدقاء السوء دون حسيب او رقيب، فلماذا ايها الآباء المهاجرون بعيدًا عن أبنائكم وفلذات اكبادكم تعرضونهم لزلزال يصعب ايقافه إن انفجر؟ الدنيا أصبحت عبارة عن بئر عميقة عندما تسحب شخصًا فإنها لن تعيده سالمًا.. هذا إن عاد أصلاً منها.. الدعوة لاستدرار عطفكم ايها الآباء سارعوا لاحتواء أبنائكم قبل أن يجرفهم التيار دون رحمة، اضربوا على وتر الحنين بدواخلكم وستجدون أن أبناءكم هم من يشدون عليه بكل حب وتقدير..