قبل فترة ما يقارب العام ونيف وعبر إحدى القنوات الفضائية السودانية تمت استضافة شخص قام بفتح مكتب لطلبات الزواج للجنسين ولكل الأعمار والفئات، ويتم ذلك بتعبئة الاستمارة التى تحتوى على كافة البيانات والمواصفات المطلوبة في الطرف الآخر، وقد أثارت هذه الاستضافة ردود فعل واسعة في المجتمع ما بين مؤيد ومعارض، ولكن توّسع الأمر أكثر من ذلك ليتم إنشاء قنوات فضائية متخصصة في هذا الأمر، ليتم الغاء دور الخاطبة التقليدية. وبالعودة الى مراسم الخطوبة والزواج في السودان لمدة ليست بالطويلة، نرى أن الخطوبة كانت تتم وفق اصول وترتيبات مسبقة بين الطرفين.. لكن إيقاع الحياة السريع لاحق حتى الأمور المصيرية كالزواج.. «تقاسيم» أجرت استطلاعا وسط فئات عمرية مختلفة من الجنسين لمعرفة رأيهم في مكاتب الزواج بالسودان، كما استلطعنا أحد أصحاب تلك المكاتب التى باتت منتشرة في كثير من البلدان. شحدة عديل بداية التقينا بشاب وفتاة في قلب سوق أمدرمان، وكانت بمعيتهم امرأة خمسينية تميل في ملامحها للفتاة، وعرفت من خلال تسوقهم أنهم يقوموا بشراء «الشيلة»، لأن زواجهم قد أزف موعده، وان التى برفقتهم هي خالة العروس، وعند سؤالنا لهم عن موضوع استطلاعنا افتتح الحديث العريس هاشم الزين المأمون قائلا: مكاتب الزواج هذه ثقافة دخيلة علينا ولا تشبه عاداتنا وتقاليدنا السودانية، لأن مسألة الزواج هذه مسألة مصيرية، ولا يمكنني بأية حال من الأحوال ربط مصيري بفتاة لم أرها ولم أتحدث معها البتة، عفوا هذا الأمر مرفوض قلبا وقالبا .. والتقطت اطراف الحديث الخالة محاسن الخير وادلت بدلوها حيث قالت: يا بتي حليل زمان، وانا عن نفسي تزوجت ابن عمي ونحن كنا نعيش أسرة واحدة في بيت واحد، وكان زواجا تقليديا، لكن الحمد لله كُتب له النجاح والتوفيق، ومازلت أسرتنا لا تزوج بناتها للغرباء ناهيك عن الزواج بالطريقة التى ذكرت. أما العروس رانيا فقد طأطأت رأسها خجلا من مجرد الفكرة. الحاجة خديجة العباس مدني من حي الموردة، استنكرت الأمر برمته وأشاحت بوجهها متعجبة، وأضافت: بنات آخر زمن «دي ما شحدة عديل» والله العظيم أنا لو تصرفت ابنتي مثل هذا التصرف لقطمت عنقها، والله أنا عندما تزوجت لم أتحدث مع زوجي بالمرة بالرغم من انه ابن عمي، وقد تقدّم لخطبتي وانا بنت عشر سنوات، ومن يومها لم يسمحوا لي برؤيته ولمدة خمس سنوات هي عمر خطبتنا. قاعدة ضخمة من المشتركين عماد الأمين موظف بإحدى الشركات كان له رأي مغاير، حيث قال: لا أمانع من حيث المبدأ، واذا لم أوفق أبحث عن غيرها، لأن البنات كلهن شبه بعض في كثير من التفاصيل.. وكان برفقته شاب آخر في مقتبل العمر اختلف معه في الرأي تماما، وقال أحمد الطيب: الفتاة التى سأرتبط بها ولو كنت على معرفة ودراية تامة بها الله يستر، ناهيك عن عدم المعرفة النهائية، وبالطبع لا أوافق. أمينة متزوجة وربة منزل قالت بلهجة يملؤها الأسى: الشخص الذى تزوجته عن قصة حب الآن أدار لى ظهره، ومشكلاتنا ونقاشاتنا محور حديث الأسرة، فكيف للفتاة التى ترتبط بشخص لم تكن لها معرفة به. سيد محمد أحمد صاحب مكتب «لها وله» لراغبى الزواج، التقينا به عبر أثير الهاتف، ليحدثنا عن الفكرة والإقبال عليها فقال: الحمد لله الإقبال كثير جداً من الجنسين، وتوجد قاعدة ضخمة من المشتركين، وهذه المكاتب قللت من نسبة العنوسة، ويتم الأمر بتعبئة الاستمارة التى تحتوي على البيانات الشخصية والوصف الشامل، مع إرفاق صورة حديثة، ومن ثم يطلع المتقدم على الاستمارات التى بطرفنا، فإذا وجد ما ينشد نسعى نحن للتوفيق بينهما ويتم هذا الأمر بسرية تامة.