لن تأخذ إلا حقك في هذه البسيطة، فلا تطمئن أو تركن إلى ما يتفوه و يمر مرور الكرام دون محاسبة أو عقاب، ولا تأخذك العزة بالإثم وتتمادى ضارباً بأحاسيس الناس وتجريح شعورهم عرض الحائط، فإنه لمن السذاجة والجهل أن تتصور «واهماً» أن ما يخرجه فمك من سباب على الغير دون وجه حق، وإساءات ما أنزل الله بها من سلطان للقاصي والداني، لهو تعبير وتفريج عن النفس، حق مكفول لك دون غيرك، تستبيح به«الآمنين الغافلين» وتصول وتجول حسب رغباتك متخطياً كل الإشارات الحمراء ومخترقاً كل الأنظمة وفاتحاً كل الأبواب الموصدة بإحكام. أولاً هناك سؤال لابد من طرحه للمدعو حسين إسماعيل كاتب سطور مقال بجريدة «الصحافة» يوم الثلاثاء الماضي الموافق 23 أكتوبرالعدد(6908) بعنوان «سمك لبن .. تمر هندي» والذى نصب نفسه مُؤرخاً ومُدافعاً عن التاريخ، واتهم شخصي بهز قناعات وثوابت التاريخ فى سذاجة مهنية فى حواري مع حفيدة السلطان الميرم حرم، حول نسب السلطان على دينار إلى قبيلة الفور الذى أكرره مراراً عدم انتماء السلطان على دينار لقبيلة الفور إلا بالمصاهرة، والتاريخ يعلم ذلك تماماً. كنت طفلة لكن مازلت أذكر حديث والدي «المرحوم موسى السيد بدوي» بوصفه موسوعة تأريخية فى نسب قبائل دارفور، فى حوار أجراه الأمير على بحر الدين على دينار فى منزلنا العامر آنذاك بالفاشر عن أصل السلطان وجذور علاقته بالفور، لأنه يريد التوثيق له فى كتاب من مقر إقامته ببريطانيا، وقد كانت الملكة الصحفية تتملكني منذ الطفولة وبالفطرة والحمد لله طورتها بالدراسة والمثابرة والاجتهاد لتحقيق رغبة كامنة ظلت تراودني منذ الطفولة. استمعت إلى الحوار الدائر بكل إصغاء عن أصل جدي السلطان، وكيف آلت له السلطنة، وقد رسخت حقائق فى مخيلتي لم أنسها بالرغم من صُغر سني آنذاك. وأكدت تلك الحقيقة جدتي «الميرم حرم» وعون الشريف قاسم ايضا فى كتابه المكون من ثلاثة أجزاء وقرأتها جميعاً والمئات مثلها وهذا يعني بأني «جوه الشبكة» وليس خارجها كما نعتني به كاتب المقال فى فرية وهراء لا يسمن ولا يغني من جوع، ولا يمت للواقع بصلة.. أنا، وأعوذ بالله من تلك الكلمة مُقيدة فى نقابة الاتحاد العام للصحافيين السودانيين، وأعمل فى صحيفة مرموقة متفوقة بين رصيفاتها توزيعاً وانتشاراً معاً، وليست متسلقة دون ضوابط بسب من يحلو لي دون المراعاة إلى أدب المهنة التى أقدسها. ياهذا انتبه جيداً ولا تعط لنفسك الحق فى الإساءة للآخرين لمجرد الاختلاف معهم فى أمور لا تعنيك، وهناك من هو أحق منك فى الدفاع عن تاريخ السلطان على دينار، فلا تتبنى قضية غيرك. هذه هي الحقائق والمعطيات إلا من بعض الاستثناءات التي تتمثل فقط فى حالة الظلم والتعدي من شخصك، إما لضرر مباشر أصابك أو أسرتك، حينها يُتاح لك فقط الرد فى مساحة صغيرة وضيقة وما تقوله وتكتبه ما هو إلا سراب وحرث فى «بحر بدون أسماك». أما عن مصلحة التاريخ الذى يحتم اعتذاري والتبرؤ من سقطتي فى الحوار عديم الفائدة فأقول لك «انسى» أعتذر فقط فى حالة الخطأ على الآخرين، أجيد ثقافة الإعتذار تماما ياعزيزي الحسين، لكن لم أفعلها لسبب بسيط الحوار الذى اعتبرته مربكاً وعديم فائدة نال إعجاب واستحسان الجميع، خاصة أسرة السلطان على دينار، وتلقيت مكالمات هاتفية عديدة يوم صدور الحوار، هاتفي النقال لم يتوقف لحظة عن الرنين طوال اليوم إشادة بالحوار، وبالحقائق التى وردت فى متنه. أما عن إيقاظ نار الفتنة النائمة فهنا يكمن السؤال: أية فتنة تقصد؟ آل السلطان ينكرون مصاهرة السلطان للفلاتة طول فترة حياته. هى حقيقة تاريخية أنت تعلمها قبل الجميع. كما أنك لست بمنأى عن النعرات القبلية. أما فيما يتصل بالوجاهة الاجتماعية الملازمة لمسيرة السلطنة نسبة لنسبهم للفور مما أحاط الأسرة بالتقدير، فهذه فرية لأن سيرة ومسيرة السلطان وبطولاته العريقة والتاريخ يشهد له بذلك، وحدها تكفي أن تكون أسرة السلطان جديرة بالاحترام والتقدير أينما حلوا، ويكفي أنه صاحب لقب «كاسي الكعبة الشريفة» الذي يعرف بالمحمل وآبار علي.