يشهد العالم منذ عام 2008م ازمة مالية حادة امتدت لتشمل تدهور أداء الاقتصاديات الكبرى وايضًا شملت الدول النامية.. اما السودان فقد ظل يبحث عن تطوير طرق بديلة مختلفة للتغلب على فقدان نسبة البترول الذي تعادل صادراته «75%»، مما ترتب على فقدانه وتدهور متزايد في ميزان المدفوعات وسعر صرف الجنيه السوداني مقابل العملات الاخرى وعرض احتياطي النقد الأجنبي.. وكان من اهم البدائل المقترحة اشراك قطاع المغتربين في دعم توجُّهات السودان للخروج من هذه الازمة عبر شركات فاعلة تقوم على المنافع المتبادلة وتشجيعهم على الاسهام بصورة فاعلة لمجابهة التحديات وفق منهج واضح تعتليه اولويات مصلحة المغترب، لذلك كان البحث عن سبل وطرق جذب استثماراتهم والتي تحتم وجود ووضع حوافز ولكن كيف يتم ذلك ويراه المغتربون؟ فكان ان اكد ابراهيم ادريس مغترب يعمل في المجال الاقتصادي بقوله انه لا بد من وجود حوافز من الدولة للمغتربين لجذب تحويلاتهم ومدخراتهم لافتًًا الى ان احصائيات البنك الدولي تشير الى ان تحويلات المغتربين بلغت «3» مليارات جنيه سابقًا مما يدعو بالضرورة لجذب استثماراتهم لداخل السودان، وقال ان المغترب السوداني اصبح يفضل الاستثمار في الخارج لأنه يمنح المستثمر حريات اكبر وان جذبهم لايرتكز على البعد العاطفي والارتباط بالوطن فقط كعامل حاسم لجذب مدخراتهم.. مشيرًا الى ان هذا الامر يحتاج الى جملة من الاجراءات والحزم التي تعمل بشكل متزامن مع تحسين وتعديل السياسات والاجراءات المنظمة لتعمل مع المغتربين وايضًا لا بد من ضرورة اجراءات هيكلة للسياسة المالية النقدية وذلك من اجل تقديم مجموعة من الحوافز القادرة على حث السودانيين العاملين بالخارج على تطوير خياراتهم بشأن توجيه استثماراتهم نحو الدخل.. واشار سعيد عبد العظيم «مغترب» الى ان معظم استثمارات المغتربين تركز على المجالات الخدمية وخاصة المطاعم والسياحة والمراكز الصحية والمدارس وورش لصيانة السيارات لافتًا الى ان كل هذه الإسهامات كمًا وكيفًا ضئيلة للغاية والى ان المغتربين اصبحوا لا يحولون عن طريق الدولة ويلجأون الى السوق الموازي مرجعًا ذلك لعدم استقرار سعر الصرف. من جهته يرى د. عبد المنعم محمود القوصي الخبير الاقتصادي وعضو الآلية التحضيرية لمؤتمر اقتصاديات الهجرة الثاني ان هنالك عوامل تؤثر على تحويلات المغتربين سلبًا وايجابًا داخليًا وخارجيًا، ومن العوامل الخارجية تحسن اداء المؤشرات الاقتصادية المتمثلة في الناتج المحلي الإجمالي واستقرار سعر الصرف ومعدل التضخم إضافة الى تقدم تطور البنية التحتية والاقتصادية للدول المضيفة للعمالة وبالنسبة للعوامل الداخلية قد تتأثر الدول المضيفة بالتطورات الاقتصادية والسياسية نتيجة للأزمة الاقتصادية العالمية وبالتالي يتوقع انخفاض تحويلات العاملين بالخارج إضافة الى استقرار اوضاع العمالة المحلية ومستويات التوظيف وتحسين الاجور وارتفاع معدلات النمو الاقتصادي وتوفير المناخ الاستثماري الملائم ومدى تطور الأسواق، واشار الى ان المقترحات بشأن تحويلات المغتربين تكمن في تشجيع البنوك والشركات والصرافات لتشمل الولايات والأقاليم ويتم التحويل عبر فروعها بجانب المحافظة على استقرار سعر الصرف وتخفيض الفرق بين السعر الرسمي والموازي، واضاف: توجيه مدخرات العاملين بالخارج الى تحقيق التنمية من خلال تمويل المشروعات الاستثمارية والإنتاجية ومؤسسات التمويل الأصغر يمكن ان يشارك فيها المغتربون بصورة رسمية بجانب اعطاء العاملين بالخارج الذين يقومون بتحويلات رسمية حوافز تشجيعية تتمثل في الجمارك او الضرائب لاستيراد معدات ووسائل الانتاج للمشروعات الصغرى ومتوسطة الحجم والعربات للاستخدام الشخصي والامتعة الشخصية بجانب تشجيع البنوك على تحسين جودة الخدمات البنكية وتسهيل التحويلات الواردة وعملية فتح الحساب بالنقد الأجنبي للمغتربين، وأضاف: فيما يتعلق بالتحويلات بالقنوات الرسمية من ضرورة وضع بعض السياسيات التشجيعية للمغتربين طبقًا لما يأتي ان يتم التنسيق مع ادارة الجمارك بمنح المغترب اعفاءات جمركية كاملة لمعدات ومعينات العمل في حالة العودة النهائية في حالة تحويل مبلغ معين، وايضًا بالتنسيق مع الاراضي والاستثمار بأن يُمنح المغترب قطعة ارض بالسعر الحكومي إضافة لقطعة استثمارية شريطة تحويل مبلغ معين، وأشار الى ان تحويلات المغتربين تمثل دفعة لميزان المدفوعات ويجب حرص الدولة على اعاداتها بدلاً من ان يلجأ المغترب في تحويلاته الى السوق الموازي وذلك عن طريق حوافز المغتربين. كانت الدولة في السابق تعتمد على تحويلات المغتربين في الاقتصاد وبالحوافز تستطيع الدول جذب استثمارات المغتربين وارجاعها للدولة مرة أخرى...