فى حديثه لجريدة الصحافة عدد الثلاثاء «13» نوفمبر «2012م» اعترف وزير الصحة بولاية شمال كردفان الدكتور إسماعيل بشارة وبلا تحفظات سياسية بوجود قصور في الملف الصحي بالولاية لخصه في ضعف الإمكانات محملاً المركز مسؤولية تغيير الواقع الصحي المتردي هناك وأشار إلى ضرورة الوفاء بالالتزام الرئاسي المتمثل فى إنشاء المستشفى المرجعي بالأبيض، وقال إن وفيات الأمهات خلال عامين بلغت «617» حالة بسبب نقص عربات الإسعاف وقلة القابلات، وأكد أن الولاية تمتلك «13» عربة إسعاف فقط تعمل منها «6» وهو عدد يغطي «10%» من حاجة الولاية، أما الخطير في اعترافات الوزير حديثه عن أن مرض البلهارسيا قد أصاب نسبة «92%» من طلاب الولاية وأن نسبة الإصابة به في المحليات بلغت «76%» بجانب حالات أخرى من الإصابة بمرض الكبد الوبائي، نقف عند هذا الحد من حديث الوزير لنبدأ بالتعليق عليه بصورة جريئة بذات جرأته التي يتحمل هو فيها أوجه القصور قبل المركز فإنني هنا لست في مقام المدافع عن المركز لكنني أقول للوزير ماذا فعلت أنت لسد الفجوة حتى تتحدث عن قصور الآخرين كم نسبة التغطية التي قمتم بها للحد من مرض البلهارسيا ونسبة الإصابة به تصل إلى «92%» وسط الطلاب وليس شريحة أخرى كالرعاة مثلاً باعتبارهم من أكثر الشرائح استخداماً للمياه الملوثة والآسنة، وأنت تحكي بهذا الأسى أليس حريًا أن يدفعك هذا التردي لتقديم الاستقالة أولاً؟؟ وتقول أتحمل نتيجة فشلي في أداء وظيفتي العامة ورسالتي تجاه المواطن قبل أن تلوم الآخرين حتى تصبح مؤهلاً «نسبياً» لكشف القصور لأنك في مثل هذه الحالات يجب أن تبرأ ذمتك بجرد حساب يوضح حجم مساهماتك ومجهوداتك بدلاً من حديثك المعمم عن جهودكم المقدرة التي بذلتموها لترقية الوضع الصحي دون تفصيل بذات التفصيل الذي انتهجته في تبيان حجم القصور، أتفق معك في مجمل ما قلت رغم المفارقة البينة والنسبة المئوية غير الدقيقة لحالات الإصابة وسط الطلاب بمرض البلهارسيا والتي أحسبها حددت دون مسوحات علمية دقيقة لأنها إن صحت وبهذا الحجم تعتبر هذه النسبة كارثية تستوجب تدخل المنظمات الدولية على رأسها منظمة الصحة العالمية وإعلان المنطقة موبوءة، وفي مثل هذه الحالات تستدعي خطوات عملية لإدارة هذه الأزمة إذا جاز التعبير تبدأ بإخطار الوالي والمجلس التشريعي الولائي ثم تمليك الإعلام القومي والولائي الحقائق المجردة بطريقة غير التي كشفت بها الأمر وأنت جالس في ولايتك تنتظر الصحافة العابرة أو مبادراتها بدلاً من شد الرحال إلى وزارة الصحة الاتحادية وتنسيق الجهود لاحتواء الأمر... سؤال لإدارة الأوبئة بوزارة الصحة الاتحادية هل بلغكم حديث وزير الصحة الولائي؟؟ وإذا لم يصلكم بالصورة الروتينية هل سيترك الأمر هكذا دون أن يخضع لتحليل دقيق لتحديد حجم الفجوة الصحية أم سوف يصنف حديث الوزير ضمن المقولة الشائعة.. «دا كلام جرايد».. أليس من البدهي أن يستدعي المجلس التشريعي الولائي هذا الوزير لإحاطة الأعضاء أكثر بحقيقة الموقف ولو أدى ذلك للمحاسبة وطرح صوت الثقة عنه؟؟ أم أن النواب لا يحركون ساكناً لانشغالهم بأولويات أخرى؟؟ ومن خلال إحصائية الوزيرالمخيفة يتضح أن نسبة ال «8%» المعفاة من الطلاب هي أيضاً مهددة بالإصابة لكن لم يتم تشخيصهم.. قبل سنوات سمعنا أن وزارة الصحة قد وعدت بالاحتفال قريباً بخلو السودان من مرض البلهارسيا لكن من خلال كلام الوزير «الطبيب» يتبين أن القضية محتاجة إلى عشرات السنوات إذا لم يساهم القصور في تفاقمها وحدوث مضاعفات أكثر، وبهذا الحال يصبح السؤال هنا معكوسًا فبدلاً من السؤال عن إحصائية المصابين يصبح من الضرورة البحث عن القلة السليمة، كما أن الوزير قد تحدث بصورة مخيفة عن الإصابة بمرض السرطان وأن شمال كردفان حسب رصد الوزير تحتل المركز الرابع عمن حيث الإصابة بالمرض، وهذا أيضاً مؤشر خطير جداً.. شمال كردفان معبر لدارفور نحو الوسط وعمق السودان، ودارفور هذه الأيام قد تفشت فيها الحمى الصفراء بصورة مخيفة ما هي تحوطات السيد «بشارة» الرجل الذي منذ تعيينه في هذا الموقع لم يُعرف له لون ولا رائحة في الإعلام ولم نشاهده طيلة مدة عمله في الوزارة فقد آثر الصمت دهراً من الوقت لكنه اليوم قد نطق بحديث «القلب إلى القلب».. حديث الدكتور إسماعيل بشارة يشكك في أنه متابع جيد للوضع الصحي بشمال كردفان الولاية مترامية الأطراف، ومن هذا المنبر نطالبه بكشف حساب يضم إنجازات وإخفاقات لأنه إذا مضى بهذا النهج أحسب أن المركز إذا قدم له شيئاً سوف يروح «شمار في مرقة» كما يصطلح أهل السودان.