توجد في الصّين مائتا قناة تلفزيونية تغطي كل أنحاء البلاد. وفهمتُ أن كلَّ قناة يمكن مشاهدتُها في جميع أنحاء البلاد. ذلك يوفِّر للمواطن الصيني مشاهدة كاملة لكل الوطن وكل مواطنيه ويعزِّز الشعور بالوطن والأمة الواحدة والشعب الواحد. وجود قنوات تلفزة محلية ووجود إذاعات محليَّة غير قادرة على تغطية الفضاء الوطني يقود إلى تفتُّت الشعور بالوطن الواحد والشعب الواحد والاستلاب الثقافي والسياسي للخارج بالوطن. باستثناء الفنادق لا يشاهد المواطن الصّينيُّ القنوات التلفزيونية الفضائية الأجنبية. كلّ عائلة صينية مُلزَمة وفقاً للقانون بإنجاب طفل واحد، وقد لاحظتُ في دار الحضانة التابعة لصحيفة (الشعب) أن معظم أطفال العاملين بالصحيفة هم أولاد عدا بنت واحدة. بعضها يشير إلى فارق (42) مليون طفل لصالح الأولاد. حيث تفضل الثقافات الشرقية عامة اختيار الولد على البنت. وقد سبق أن سمعتُ مُترجمةً صينية من العربي إلى الصيني وبالعكس تقول باللغة العربية: لقد (كان والدي يريدني أن أكون ولداً ولكن خاب فأله)!. الدراما الصينية ذات خصائص شرقية واضحة حيث تنتهي الحكايات الحزينة دائماً بنهاية سعيدة. والنهضة الصينية العظمى التي انطلقت من واقع التخلف في العشرينات وتستشرف اليوم الصدارة العالمية هي أعظم تلك (الدرامات) الصينية. بدأت نهضة الصين الحديثة في العشرينات بانطلاقة الثورة التي قادها الزعيم (ماوتسي تونغ) وانتهت تلك المرحلة الأولى بانتصار الثورة عام 8491م. وبدأت المرحلة الثانية من (8491 8791م). تأسيس الدولة: حيث أكملت بنجاح تأسيس الدولة وتمكَّن الفكر الثوري بنجاح من استخدام الحزب والجيش والبيروقراطية كأجنحة متكاملة لانطلاقة الصين الجديدة. وبدأت المرحلة الثالثة عام (8791 8002م) وهي مرحلة الإصلاح والنهضة الاقتصادية. والتي انتهت بوضع الاقتصاد الصيني ضمن كبريات الاقتصاديات الدولية. أما المرحلة الرابعة فتشير القراءة المستقبلية إلى أنها قد تنتهي بوضع الصين في مرتبة اقتصادية متقدمة للغاية. عند كل مرحلة من تلك المراحل تبلغ ثلاثين عاماً. عند سؤال أحد المسؤولين الصينيين إن كانت الصّين تصبح في نهاية المرحلة الرابعة الدولة العظمى الأولى في العالم: أجاب بنظر المتواضع الصّيني: أمامنا الكثير لنعمله للوصول إلى تلك المرتبة. ما هي حكاية إبراهيم الصّيني؟ سألت المترجم الصينّي إبراهيم من أسماه إبراهيم؟ قال: أستاذي في الجامعة. وهذه ملحوظة في كوادر الحزب الشيوعي الصينّي ممن يتحدَّثون العربية ولهم صلة بالقضايا العربية والعالم العربي، إنهم يتخذون أسماء عربية عند تعاملهم مع الوفود الزائرة التي تتحدث العربية باعتبار أن الاسم العربي أبقى في ذاكرة الشخص الذي يتحدَّث العربية من الاسم الصيني، وهذا صحيح، إذ يسهل لدى المتحدث بالعربية أن يتذكر اسم إبراهيم وتوفيق ومصطفى وهيفاء ووردة ونجوى بدلاً من أن يتذكر أسماءهم الصينية الحقيقية. والأسماء الستة المذكورة أعلاه هي أسماء بعض كوادر الحزب الشيوعي الصينّي ممَّن يتحدثون العربية بطلاقة وعادةً ما يلتقون بغرض الترجمة ومرافقة الوفود السودانية الزائرة. وقد خلَّفت الأسماء العربية والحركية، إضافة إلى شخصياتهم الودودة المهذبة، خلقت تواصلاً شخصياً حميماً بينهم وبين السُّودانيين. في المجتمع الصيني يضعون اسم العائلة في أول الاسم، مثلاً الزعيم ماوتسي تونغ اسم (ماو) هو اسم العائلة. أما اسم الزعيم فهو (تسي تونغ) لا أدري إن كان (تونغ) هو اسم أبيه.