عاتبني أحد المغتربين على ما طرحته في هذه الزاوية الخميس الماضي حول ظاهرة كبري 8 بمنطقة جدة ووصف كل ما طرحته هنا بأنه كيد ضد الحكومة ومحاولة لتعليق فشل المغتربين على شماعة الحكومة، وذهب الرجل في حديثه الى اقصى درجات العتاب والهجوم ضد ما طرحناه من قضايا تخص المجموعات التي وجدت نفسها بأنها في حالة ضياع تحت ظلال هذا الكبري فالرجل يبدو انه لا يدري كل الحقيقة فشهادته يبدو انها سماعية ليست مبنية على اتصالات او لقاءات ميدانية، فهو يرى ان هؤلاء السودانيين في هذه المنطقة هم سبب كل البلاوى وان وجودهم بهذا الشكل يسيء للذات السودانية وانهم يتحملون كل ما يلحق بهم من اذى وحرمان لأنهم هم الذين زجوا بانفسهم في هذا المستنقع.. قلت للرجل ارجو الا تحمل هؤلاء اكثر مما هم فيه فخلف كل سوداني هنا ابن جائع واسرة فقيرة ومحرومة وتلميذ مطرود من فصول الدراسة في ارياف نائية من بقاع السودان وبنيان يكاد ان ينقض على من بداخله، وقلت للرجل ايضًا ما الذي كان ينبغي ان يفعله هؤلاء ولم يفعلوه؟ اليست الدولة هي التي مارست عليهم الضغوط حتى فروا هاربين الى هنا كانما استجاروا بالرمضاء من النار فإذن السلطة الممثلة للدولة هنا واعني تحديدًا السفارة السودانية وجهاز المغتربين وآليات الدبلوماسية الشعبية والمؤسسات والهيئات القائمة على اسس العلاقات المشتركة بين السودان والمملكة العربية السعودية يجب عليها جميعًا الدفع في اتجاه تفكيك مكونات هذه القضية فالأجدى والأوجب للدولة السودانية ان تبادر لوضع المعالجات والعمل على إزالة كل هذه التشوهات التي تلحق بواجهة السودان في المهاجر؟ صحيح ان هناك بعض السلوكيات والممارسات الشائهة لا يمكن للجهات الرسمية ضبطها او مكافحتها فأي محاولة لكبح الجنوح الإنساني من شأنه ان يقود الى احتكاكات او مخاشنات لسنا في حاجة لها فبلادنا مشبعة حد التخمة بمثل هذه المخاشنات لكن.. فالذي رصدناه تحت كبري «8» او بين ازقة واسواق «الكرنتينة» باتت تشكل ظاهرة انسانية تحسب خصمًا على المزاج او السلوك السوداني.. وهي جديرة بالبحث والدراسة والتأمل.. كنت اتجول داخل هذا السوق المعروف «بالكرنتينة» وهو اسم له مدلولاته ويفهمه جيدًا العاملون في الحقل الطبي، تجولت برفقة احد زملاء الدراسة الثانوية بمنطقة المناقل وللحقيقة راودني شك هل فعلاً انا موجود الآن داخل حدود الدولة السعودية؟.. ام ان السودان رحل بكل جغرافيته واستوطن هنا؟..كأني ارى امامي وخلفي وبين جوانبي اسواق الجنينة والفاشر والسوق الشعبي وسوق ابوزيد بأمدرمان.. رأيت وجالست نفرًا من الباعة والمترددين وحتى المنقطعين بملامح سودانية سألت زميلي.. هل هؤلاء سودانيون؟ اجابني لا ادري ولكنهم ربما يحملون وثائق سودانية حينها ادركت ان حدود السلطة تنتهي هنا، وتساءلت في ذاتي هل الحكومة ظالمة ام مظلومة؟ للتواصل «00249912647861» عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.