هنالك ضعف عام في المستوى الأكاديمي لطلابنا إلا من رحم ربي ضعف يصل إلى مستوى التدني والهُزال الأكاديمي، فحتى الطالب الأول على مستوى الفصل أو الدفعة لم يعد أولاً بالمقاييس التي نعرفها وبمقاييس الزمن الجميل، فقد غابت عن القرى الكورسات الصيفية التي كان ينظمها حملة الشهادة السودانية وطلاب الجامعات، فعندما كنا طلاب شهادة سودانية قام بتدريسنا حملة الشهادة السودانية، انظر إلى حامل الشهادة السودانية اليوم إذا استطاع تركيب الجملة فلن تكون مفيدة، أرجع إلى خريج المتوسطة والذي كانت تهتز المنابر للغته ولباقته وشجاعته وثقافته ثم انظر إلى خريج الصف الثامن يتوارى خجلاً من ضعفه.. وأسباب هذا الضعف عديدة خاض فيها خبراء التعليم كثيرًا ووضعوا لها حلولاً حسب ماجاء في توصيات مؤتمر التعليم، وفي رأيي أن من أسباب هذا الضعف العام أيضًا سهولة وبساطة الامتحان الذي يجلس إليه الطالب، فالامتحان على تدرجه وعلى مختلف مستوياته لايخرج عن المقرر فحسب بل لايخرج عن أمثلة وتمارين الكتاب مما جعل الطالب محدود التفكير والتصرف والتأمل، حدود بحثه لاتتخطى أمثلة كتابه، أفق علمه لا يتعدى ما أمامة، سقف ذكائه لايُمكنه مما يستجد، وظهر ذلك جليًا في امتحان الشهادة السودانية (مادة اللغة العربية) لهذا العام والذي تضجّر منه الطلاب فقد كان صادمًا لهم لأنه أتى بأمثلة جديدة غير موجودة في الكتاب ولم تمر على الطالب من خلال دراسته للمقرر وهي طريقة جديدة وغير مألوفة لدى طالب هذا الزمن لذا استعصى عليه الامتحان.. وفي رأيي أن وضع الامتحان يجب أن لا يخضع لمستوى الطالب بل يجب أن نرتقي بالطالب إلى مستوى الامتحان وبذلك يسهُل له الامتحان وإن كان صعبًا. يتقبله وإن جاء بطريقة جديدة. والسبب الآخر لهذا الضعف بسبب كثرة حصص المراجعة والدروس الخصوصية وحصص التركيز مماجعل الطالب يعتمد اعتمادًا كليًا على المعلم في المدرسة والأم في البيت مما يعرف بطريقة (التلقين) وهي طريقة وقتية تجعل فهم الطالب واستيعابه مربوطًا بوجود المعلم ومحددًا بزمن الحصة وهي طريقة لاتترك للمعلم فرصة لتقييم مدى استيعاب الطالب وقياس درجة ذكائه ثم أنها لاتترك الطالب يعتمد على مقدراته وفطنته ويتدرب على حل الصعب من المسائل بطريقة الاستذكار الفردي الذي يُرسّخ في ذهنه المعلومة ويحوّله إلى طالب باحث بدلاً من طالب مُتلقّي ولذلك تحدث المفارقات بين تقييم الطالب والنتيجة التي يتحصل عليها فكم من نتائج جاءت صادمة لتوقعاتنا وتوقعات الأسرة والمجتمع مناهل إبراهيم ميرغني