الصادق الرزيقي: الكلام عن التخريبية سياسي وإنشائي..ولابد من تقديم المزيد من المعلومات حولها..د. أحمد بلال: لا نريد أن ننصب «ألفة» على الصحافة ولكن عليها «...»..والمحاولة التخريبية حقيقة وليست فبركة أو تصفية للحسابات..ولا شروخات والوضع مستقر ومتماسك.. وسنُفصح عن كل المعلومات مستقبلاً جميلها وقبيحها..د. عادل عبدالعزيز: لماذا لم تتكتم الحكومة على المحاولة تجنباً للتأثيرات السالبة على الاقتصاد خصص برنامج «حتى تكتمل الصورة» على فضائية قناة النيل الأزرق الذي يعده ويقدمه الإعلامي الطاهر حسن التوم، حلقته الأسبوعية لمناقشة تداعيات الإعلان عن المحاولة الانقلابية على الوضع السياسي والاقتصادي فى البلاد، وتأثير السياسي على الاقتصاد، وطرحت الحلقة التي شارك فيها كل من وزير الثقافة والإعلام د. أحمد بلال ورئيس تحرير صحيفة «الإنتباهة» الصادق الرزيقي واالباحث الاقتصادي والكاتب الصحافي د. عادل عبد العزيز، طرحت سؤالاً حول قيام الصحافة بدورها المنوط بها فى التنوير أم انتهاجها للإثارة، ودور حالة الارتباك فى تصريحات المسؤولين على ذلك كله. ونظراً لأهمية الإفادات الواردة بتلك الحلقة نبدأ معكم تقديم ملخص بأهم ما جاء فيها. مرحباً بالسادة المشاهدين في حلقة جديدة من «حتى تكتمل الصورة» ونخصصها لمتابعة الوضع السياسي وتأثيراته على الاقتصاد وحياة الناس. شهدنا في الأسبوعين الحالي والمنصرم عديد من الأحداث الكبيرة والمهمة نحو افتتاح تعلية الروصيرص، والمؤتمر العالمي الأول لتسويق الحبوب الزيتية لأجل إعادة السودان لريادته في هذا المضمار المهم، وسيبدأ غدًا مؤتمر عن التعدين لجهة إيجاد موارد إضافية، كذلك بدأ اليوم الملتقى الاقتصادي محاولة لاستبصار رؤية جديدة في الشأن الاقتصادي. هذه الأحداث المهمة بلا شك ضاعت في زحمة الحدث الأكبر: المحاولة الانقلابية أو التخريبية أو التخطيطية «أياً ما شئنا من الأسماء والأوصاف» بلا شك خطفت المحاولة الأبصار ومانشيتات الصحف وكاميرات التلفزة، عن كل شيء بما في ذلك الأحداث الكبيرة التي صدَّرنا بها حديثنا. فهل ما تم سلوك لطبيعة الصحافة في البحث عن الإثارة أم تراه نابعاً من السياسيين وتصريحاتهم التي كثيراً ما تشتت الانتباه وتسرق التركيز. سعيد في البرنامج أن أكون بصحبة د. أحمد بلال وزير الإعلام، ود. عادل عبد العزيز الباحث الاقتصادي والكاتب الصحفي، والأستاذ الصادق الرزيقي رئيس تحرير صحيفة الإنتباهة. الصادق الرزيقي: أقول إن رواية السيد الوزير ناقصة، لو صرح من البداية أن العملية انقلابية فمن المعروف كيف تتم الانقلابات، لو صرح بأنها تخريبية فقد شهدنا منذ عهد مايو الإتيان بالمضبوطات والسلاح والخطة الموجودة، بينما في رواية الوزير كانت كل هذه المعلومات ناقصة ولم تدعم إفاداته بمزيد من الأدلة والبراهين، نحن نتعامل مع رأي عام جزء كبير منه متشكك وبالتالي فهذا التشكيك بحاجة إلى إزالة. قبل سنوات كانت هناك محاولة تخريبية واتُّهم فيها المؤتمر الشعبي، يومها تم أخذنا كصحافيين ل «لخليلة وأمبدة» ولبقية الأماكن التي قيل بضبط أسلحة فيها، أما في المحاولة الأخيرة فالخطة غير واضحة، وطريقة التنفيذ غير واضحة، حديث عن تفجير للكباري أو يغتالوا شخصيات، دون إفصاح عن الشخصيات، هذه المعلومات المطلوبة. أشعر أن الكلام الذي يقال سياسي وإنشائي، وعندما أعلنت أفصحت عن «4» أشخاص، وبقية الأشخاص غير معلنين، يعني بقية السيناريو ما موجود لذلك على الحكومة تقديم المزيد من المعلومات ونحن في عصر انتهت فيه الفواصل والحواجز وحجب المعلومات. د. أحمد بلال: في الوقت الراهن المعلومة التي ذكرناها كافية جداً، ولا تضر بسير التحقيقات ولا بسير العدالة وفي نهاية الأمر سنفصح عن الحيثيات والأدلة والبراهين التي أدت لاعتقال المتهمين. إذاً نتوقع مؤتمرًا صحفيًا قريبًا؟ إن شاء الله. كتبت اليوم مهموماً بالمحاولة التخريبية وآثارها الاقتصادية، فكيف تلمح الأثر المباشر؟ د. عادل عبد العزيز: أي معلومات عن عدم الاستقرار السياسي في بلد من البلدان يؤثر جداً على عجلة الاقتصاد، حيث يحصل تباطؤ في حركة الاقتصاد الداخلي، وفي حالات عدم اليقينية كل شخص يكون بانتظار ما ستؤول له الأوضاع ولا يستعجل في أي إجراء «شراء، بيع، استثمار»، لمعرفة مدى قوة الحكومة وسيطرتها مع وجود أثر كبير جدًا على الأجانب الراغبين في الاستثمار في البلاد. في الاقتصاد نعد السودان بلد الموارد الكامنة، بمعنى عندنا إمكانات اقتصادية كبيرة جداً غير مُستغَلَّة حالياً لأسباب متعلقة ب : عدم وجود التمويل الكافي فمدخرات الاقتصاد السوداني غير كافية، كما لا نستخدم التقانات وبالتالي نحن محتاجون ل: استثمارات خارجية تحضر للسودان لتفجير تلك الطاقات، ولنقل التقانة. إن شاب الوضع الاقتصادي عدم استقرار فإن الاستثمارات لن تأتي، والاستثمارات الأجنبية الموجودة في البلاد ستخرج أو ستخطط للخروج لهذا المطلوب الانضباط الشديد جداً في الحديث عن الأحوال الأمنية المؤثرة على الاستقرار السياسي ويجب أن يكون الحديث محددًا ودقيقًا.. الوزير نقل بشريات جيدة بحصر الحديث على الناطق الرسمي باسم الحكومة، وكل المعلومات تعبُر عبر قناة واحدة. هل كان من الضرورة الإعلان عن مثل هذه الأحداث؟ أقول من الممكن أن تحدث أحداث مثل هذه والأجهزة الأمنية والاستخبارية تعمل عملها وتسيطر على الأوضاع دون الإعلان، قد يكون الإعلان تم لأسباب سياسية أو إرسال رسائل داخلية وخارجية ولكن نحن غير متيقنين من أسباب الإعلان. في المقابل تحدث أحداث أكبر من هذه يمكن أن يتم احتواؤها بواسطة الأجهزة المعنية في كتمان تام حتى لا تؤثر على الوضع الاقتصادي. هل تم التحسب للأضرار المترتبة على الإعلان عن المحاولة سيما وأنها في الطور الأولي «طور التخطيط» والمجموعة المتهمة ذات صلة بالحكومة وقيادات سابقة؟ د. أحمد بلال: هذه نقطة أساسية، وإن كان البعض يعتقد بوجود فبركة وتصفية حسابات كما يقال فإنه لا يمكن أن نجازف بكل تلك المخاطر على اقتصادنا السوداني واستقرار البلد. لماذا الفبركة لصالح اعتقال أفراد بعينهم وكان في المقدور اعتقالهم بصمت أو إبعادهم وأي شيء كان، أؤكد هناك من القرائن والدلائل فعلاً بوجود تحرُّك من هذا النوع. في وجود القرائن والأدلة هل جلست لتغلب بين المصالح والأضرار؟ أهم من ذلك كله، الوضع مستقر ومتماسك وليس هنالك أي شروخ في المؤسسات القائمة. أذاً ما هي الحاجة للإعلان؟ الحاجة للإعلان تمليك الحقائق للناس. رغم الآثار السيئة؟ رغم الآثار السيئة. فقد أصبحنا في زمن لا يمكن أن تُكتم فيه المعلومة، وحتى قبل مؤتمري الأول تسرَّبت أسماء بعض المعتقلين للقنوات وكان لا بد من أن نقول الحقيقة، ليس ذلك فحسب لكن مستقبلاً سنقول كل المعلومات سواء كانت قبيحة أو حسنة والرسالة الأساسية التي يجب أن يفهمها الناس وجود العين الساهرة والأذن اللاقطة التي تتفحص ولا ترمي الناس جزافًا وهذه ما تزال مستمرة وموجودة في جهاز الأمن والمخابرات والجيش والمؤسسات السياسية الحاكمة ولن نسمح بأيٍّ من الأشكال بالاضطراب الذي ينفلت فيه استقرار البلاد، وهذه رسالة أقوى تؤكد أن أي حراك يمكن أن يُجهض في مراحله الأولية. هل صانع القرار السياسي يضع في باله الآثار الاقتصادية المترتبة على قراراته؟ الصادق الرزيقي: هذه مسألة تتحكم في آلية صنع القرار، إن كان القرار يُصنع بطريقة صحيحة ومؤسسية ويتم حوله تشاور فيمكن أن يضع في باله الآثار المترتبة. أما إن كان القرار غير ذلك فيمكن أن نقع في أخطاء جسام. صانع القرار في السودان أعتقد أنه فكر في هذه الآثار، وهذا من المعلوم بالضرورة في السياسة. أجدني أفزع لنقطة د. عادل وأسأل: ماذا كان سيحدث لو كُتم هذا الأمر؟ هناك محاولات كثيرة مرت بالإنقاذ في مسيرتها وحدثت العديد من المحاولات التي يتم إعلانها، وأشعر أن كثافة البُعد السياسي أكبر من العمل الإجرائي وهنالك مأزق حالياً موجود وهو أن المعتقلين لم يبدأوا التنفيذ «مجرد أفكار» فكيف ستحاكمهم وبأي تهمة المعارضة تقيم الندوات وتتحدث عن إسقاط النظام وكله في إطار الحديث هل العملية وصلت لمرحلة تنفيذية تجرِّم مرتكبيها أم لا؟ اقرأ في التصريحات وحديث السيد الوزير لهجة مخفَّفة جداً، لا حديث عن محاكمات، وهذا يعني أن الحكومة والعقل السياسي للحكومة يفكر في الخروج من هذا الوضع ولا أقول المأزق، وكما ذكرت آنفاً مؤتمر عربي عن المعادن، ومؤتمر للزيوت ومؤتمر اقتصادي استثماري متوجه للسودان لذلك من الضرورة تخفيف حالة الاحتقان. هنالك حالة تلاوم شديدة بين الصحافة والحكومة. الصحافة من جهة مطالبة بالمحافظة على الأجندة الوطنية، ومن جهة متهمة بسعيها للإثارة والربح والبيع فكيف ترى تغطية الصحافة للأحداث وهل من شطط أو تجاوز وما هو المطلوب؟ د. أحمد بلال: نأخذ البدهيات، أنا مع الحرية. ولكن لا بد من ضبط هذه الحرية مع واقع البلد المعاش الفتن الموجودة، هنالك خطوط حمراء يجب أن تراعى من الجانب الذي يتمتع بهذه الحرية. دعني أذكر لك مثالاً ظهر اليوم التأم اجتماع كبير ضم عددًا من الوزارات وبمبادرة من شباب عربي يحمل جلهم جوزات أمريكية وأوربية وجاءوا بمبادرة منهم، وقال بأن الصورة التي تُنقل عن السودان من الصحافة السودانية ومن الصحافة العالمية سالبة جداً، وعبَّروا عن اندهاشهم بزيارتهم للخرطوم ورؤيتهم للأوضاع وأكدوا أن هذا البلد لا يستحق أن تُنقل هذه الصورة السالبة عنه ولا بد من استبدالها بأخرى وتبرعوا بذلك الجانب، ولنا معهم توافقات ليساعدوا في نقل الصورة الحقيقية. عندنا اختلطت الصورة بشكل غير جيد مثلاً، واختلطت مسألة الفصل بين معارضة النظام ومعارضة السودان، معارضة الحكومة ومعارضة الدولة. الحق الدستوري والشرعي في أن من يعارض الحكومة معارض للنظام وهذا حق شرعي ولا غضاضة في ذلك ولكن بأي حال من الأحوال يجب ألا يُسمح بمعارضة السودان أو معارضة الدولة «المكوِّنات الأساسية» وهذا الخلط حدث لمرور كثير من عهود عدم الاستقرار وعدم الرضا من الناس منذ استقلالهم وإلى اليوم، الناس لم يرتح جنبهم السياسي على مرقد للاتفاق على منظومة سياسية معينة ما أدى للشك والتخليط ومسألة الإضرار بالبلد والسودان باتت كبيرة جداً. هل للصحافة دور في ذلك؟ للصحافة دور كبير جداً. الحديث عن القوات المسلحة بالطريقة المضخمة والتي تقلل من قدرها في وقتٍ تخوض فيه معركة فهذا خطأ. وتضخيم الأشياء الصغيرة كأنما هي أشياء معمَّمة وسائدة في المجتمع خطأ ويجب أن تأخذ المسألة حجمها ولا تزيد عن ذلك. هنالك بعض الأشياء التي يجب أن نجلس مع الصحافة ونتفق عليها، وأشياء يجب أن تُزال عن طريقها لتنطلق، شخصياً مع حرية الصحافة ولولا المحاولة التي أضرت بنا بعملنا في الإعلام فإنه كان مخططًا يوم الخميس الماضي أن يحصل اجتماع يضم رؤساء التحرير ويضم كتاب الأعمدة والقائمين بأمر الصحافة من ناشرين وموزعين للاتفاق على كلمة سواء وميثاق شرف مع الأجهزة المختلفة بما فيها جهاز الأمن والمخابرات على اساس أن تقلَّل الرقابة عن الصحافة فيما هم يلتزمون بجانب معين «عشان المسألة تمشي بطريقة معينة» نحن لا نريد أن ننصب «ألفة» على الصحافة برقابة قَبْلِية أو بَعْدية إن التزمنا أشياء بعينها.